سبائك الذهب في المواعظ والخطب،

أحمد أحسن شملان (معاصر)

الخطبة الثانية

صفحة 381 - الجزء 2

  موضعِ قبرِهِ حتى وجدوه ثم نبشوا القبرَ وأخرجوا جسدَهُ الشريفَ، وفصلوا رأسَهُ وأرسلوه إلى هشامِ بنِ عبدِ الملكِ ليتسلى به، ثم أُرْسِلَ إلى المدينةِ، ونصبَ في مسجدِ رسولِ اللهِ، وأمرَ الناسَ بلعنِهِ ولعنِ الحسينِ وعليٍّ سبعةَ أيامٍ ثم بعثوا به إلى مصرَ وفيها دُفنَ.

  وصلبوا جسدَهُ الطاهرَ على جذعِ رمانٍ في مكانٍ يُعرفُ بالكناسةِ عريانًا بعد أن جردوه من ثيابِهِ.

  فأرسلَ اللهُ له العنكبوتَ فنسجت خيوطَها ليلًا على عورتِهِ، فلما أصبحَ الصباحُ أبعدوا النسيجَ فبدت العورةُ، فعادتِ العنكبوتُ لتسترَها وعادوا في الصباحِ ليكشفوها، ولم يعتبروا بكرامةِ اللهِ، ولم يستحوا أن تجردَ عورةُ حفيدِ رسولِ اللهِ ِأمامَ أعينِ الناظرين، وهو القائل صَلَّى اللَّهُ عَلَيْهِ وَآلِهِ: «يُصلبُ رجلٌ من أهلِ بيتي بالكوفةِ عريانَ لا ينظرُ أحدٌ إلى عورتِهِ متعمدًا إلا أعماه اللهُ ø يومَ القيامةِ».

  صلبوه عريانًا على الجذع الذي ... لو كان يدري مَن عليه تكسرا

  واستنزلوه وضرموا نيرانهم ... كي يحرقوا الجسم المصون الأطهرا

  أكذا حبيب الله يا أهل الشقا ... وحبيب خير الرسل ينبذ في بالعرا

  نسجت عليه العنكبوت خيوطها ... ضنًّا بعورته المصونة أن تُرى

  ولجده نسجت قديما إنها ... ليد يحق لمثلها أن تشكرا

  فعند ذلك استرسلت لحمةٌ من جسدِهِ وتدلت من أمامِهِ وخلفِهِ حتى سترت عورتَهُ، ومكثَ مصلوبًا على ذلك الجذعِ خمسَ سنواتٍ، فكانت تفوحُ من جسدِهِ الطاهرِ رائحةُ أشبهُ بالمسكِ، فكان الناسُ يأتونَ إلى مكانِهِ التماسًا للبركةِ وازدادَ وفودُ الناسِ لرؤيتِهِ، وكثرَ محبيه، واشتهرَ خبرَهُ بين الناسِ وانقلبَ السحرُ على الساحرِ فقد أرادوا بصلبِهِ إهانتَهُ وأعزَّهُ اللهُ وأكرمَهُ وقُصدَ من كلِّ مكانٍ، فأمر الوليدُ بنُ يزيدَ بإنزالِهِ من مكانِهِ وإحراقِ جسدِهِ حتى إذا صارَ رمادًا ذروه بين