شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

[التفكر حياة قلب البصير ...]

صفحة 131 - الجزء 1

  نعم، كم من ناس يغبطهم الآخرون وهم لا يعرفونهم ولا يدرون بأحوالهم ولو عرفوا أحوالهم وما هم فيه من البلاء والهموم والمصائب لما حسدوهم على شيء مما رأوه وعاينوه من المباني الشاهقة والمحلات التجارية وغير ذلك.

  بعض الأثرياء طريح الفراش في العناية المركزة بين الموت والحياة من جلطة أصابته أو فشل كلوي أو سرطان والعياذ بالله أو التهاب رئوي أو انزلاق في العمود الفقري أو غير ذلك من الأمراض التي بعض الناس يتمنى من أجلها الموت، نسأل الله السلامة.

  فالتفكر فيما ذكرت يخفف حدة الدنيا ويزهد الناظر فيها وكذلك الإكثار من ذكر الموت يقطع حبائل الشهوات ويهون على من أكثر من ذكره كل المصيبات، صور نفسك وأنت مستسلم لملك الموت وهو يعالج إخراج روحك في حالة لا تدري ما أنت قادم عليه ثم فكر فيمن هذه حاله من أهل الدنيا الواسعة هل أنقذهم ما جمعوا أو شفع لهم ما منعوا، تواردت عليهم الهموم من كل فج عميق، ونظرت إليهم المصائب من كل ناحية، كم خبأ مفاتيحه من قريب وبعيد، وفي تلك الحالة سلمها، ومن شدة الآلام تناسى عنها، وكم قرت عينه بنظرة في زوجة حسناء وولد مليح الخدين كان قلبه يرتاح إذا غدا إلى سوقه بذكرهما ويفرح إذا أقبل إلى بيته بالوصول إليهما، وفي تلك الحالة نسيهما لما قد دهاه من الأوجاع المؤلمة، فبصره كاد أن ينخسف ونَفَسُه أوشك على الانقطاع فلا يكاد يعرف مَن حواليه ولسان الناظر إليه يقول من صميم القلب: لا إله إلا الله ما أضعف الإنسان.

  نسأل الله حسن الخاتمة. آمين رب العالمين.