[ما هلك امرؤ عرف قدر نفسه]
  وليعلم كل مرشد وناصح أن مفتاح الخير والقبول وكل خصلة حميدة هو التعفف عما في أيدي الناس، والتواضع وحسن الأخلاق والصدق والوفاء والصبر، وأن لا يذكر شيئاً من أحواله المادية عند الناس، بل يبث همومه على من بيده خزائن السموات والأرض، {وَمَنْ يَتَّقِ اللَّهَ يَجْعَلْ لَهُ مَخْرَجًا ٢ وَيَرْزُقْهُ مِنْ حَيْثُ لَا يَحْتَسِبُ}[الطلاق]، ومن جعل الهم هماً واحداً كفاه الله سائر الهموم وأتته الدنيا وهي راغمة. وصلى الله وسلم على سيدنا محمد وعلى آله الطاهرين.
[ما هلك امرؤ عرف قدر نفسه]
  ومن حكمه # قوله: (ما هلك امرؤٌ عرف قدر نفسه):
  جوامع للهدى، ولأمرٍ ما ضرب صدره قائلاً: (إن هاهنا علماً جماً)، وكيف يهلك من أمسى وأصبح متهماً لنفسه لما وقع فيه من الزلات، ولما قد حوته صحيفته من الخطيئات، تتجلى له ذنوبه إذا مُدِح، وتبرز له هفواته إذا فرح، نفسه تراوده أن يظهر بشخصية مرموقة عند الأصدقاء فيقول: اخسئي يا أخت الشيطان وعدوة الرحمن كم صرعتي من أناس على خدودهم، اغتروا بحلم الله عنهم وبمدح المادحين، تناولوا سماً قاتلاً يحسبونه ماءً زلالاً.
  ألا تسمع إلى قول أمير المؤمنين: (براهم الخوف بري القداح، يحسبهم القوم مرضى وما بالقوم من مرض، ولقد خالطهم أمر عظيم، يحاسبون أنفسهم ليلاً ونهاراً، وسراً وجهاراً).
  وكيف لا يعرف قدر نفسه والكرام الكاتبون عليه قائمون،