شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {وداود وسليمان إذ يحكمان في الحرث إذ نفشت فيه غنم القوم وكنا لحكمهم شاهدين 78 ففهمناها سليمان وكلا آتينا حكما وعلما وسخرنا مع داود الجبال يسبحن والطير وكنا فاعلين 79 وعلمناه صنعة لبوس لكم لتحصنكم من بأسكم فهل أنتم شاكرون 80}

صفحة 36 - الجزء 1

  لغنمه، ومن تلك الأمور أن الشيطان يدخل عداوة نبي الله في قلب المحكوم عليه أنه ظلمه وحابى الآخر مما يؤدي إلى خروجه من الدين، ومن ذلك الجفوة بينهما وزرع العداوات بين أولادهما، وغير ذلك من أنواع الفساد، وكما قال الله: {وَاللَّهُ يَعْلَمُ وَأَنْتُمْ لَا تَعْلَمُونَ ٢١٦}⁣[البقرة].

  فلما حكم نبي الله سليمان بن داود سلام الله عليهما ووفق لإصلاح ما تؤول إليه أمورهما بدليل: {فَفَهَّمْنَاهَا سُلَيْمَانَ} وذلك أن يأخذ صاحب الحرث غنم الآخر يتمنحها ويأخذ ما جاء من الولد ويدفع الأرض لصاحب الغنم يزرعها ويصلحها حتى تعود كما كانت وبعد ذلك تعود الأرض لصاحبها وكذلك الغنم تعود إلى مالكها فرضي كل منهما غاية الرضا وبحكم نبي الله سليمان سعدا.

  ثم نزه الله نبيه داود من النقص بقوله: {وَكُلًّا آتَيْنَا حُكْمًا وَعِلْمًا وَسَخَّرْنَا مَعَ دَاوُدَ الْجِبَالَ يُسَبِّحْنَ وَالطَّيْرَ وَكُنَّا فَاعِلِينَ ٧٩ وَعَلَّمْنَاهُ صَنْعَةَ لَبُوسٍ لَكُمْ لِتُحْصِنَكُمْ مِنْ بَأْسِكُمْ فَهَلْ أَنْتُمْ شَاكِرُونَ ٨٠} يؤخذ من هذا القصص أن الخيِّرين من عباد الله في كل زمان ومكان يختار الله منهم من يصلح به شأن عباده وإن كانت أعمالهم مختلفة وآراؤهم متفرقة فهذا يصلح للحكم والإصلاح بين الناس بخلاف ذلك الفرد، وآخر له نفوذ في قضاء حوائج الناس وله صبر على التحمل على الضعفاء والمساكين وله قبول وجاه عند أصحاب الأموال من المخلوقين، بينما رجل آخر له رغبة وشوق في تعليم الناس