قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا 107 خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 108}
  بحيث إن الإنسان في هذه الدنيا مهما بلغت أمواله وكبر تمكينه واستطاع أن يوصل بذلك إلى أجمل أماكن السياحة في أنحاء العالم فلا يلبث إلا فترة محدودة وبعدها يحصل له ملل وضجر ويريد أن ينتقل إلى مناطق أخرى ولو كانت أقل من تلك الأماكن في الحسن والجمال، فرفع الله ذلك الوهم من قلوب المكلفين المستجيبين لداعي الله ورسوله بقوله عز ذكره: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ١٠٨}.
  نعم، لأن كل نعيم بلغ ذروة الكمال وليس له نهاية في حالة من الأحوال؛ لأن الدار دارُ نعيم وجزاء، بخلاف هذه الدنيا الفانية فهي دار تكليف وابتلاء ولأجل ذلك جعلها الله سريعة الزوال وحياة الإنسان فيها وشيكة الانتقال غير أنه يحصل للإنسان ولا سيما في عنفوان شبابه بعض الراحة والسرور يجد ذلك في قلبه والله هو الذي خلق له ذلك في بعض الأوقات إما لسبب من الأسباب مثل راحته بزوجة جميلة أو ببيت بناه أو بمال حصل عليه واكتسبه أو كانت الراحة والسرور من غير هذه الأسباب بل يحس أنه لو ملك العالم لم يحصل له السرور إلا كذلك.
  غير أنه سرعان ما يحل محل السرور والراحة الهم والغم والحزن والضجر إما لسبب كما سلف أو لغير سبب، وإذا أراد أن يدفع ذلك الهم والضجر فليس لذلك من سبيل.
  السرور والراحة والفرحة تدخل القلب ولو كان الإنسان في شدة في بعض أحواله، والهم والغم والضجر تَخْلُف ذلك ولو عدم