شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال تعالى: {إن الذين آمنوا وعملوا الصالحات كانت لهم جنات الفردوس نزلا 107 خالدين فيها لا يبغون عنها حولا 108}

صفحة 54 - الجزء 1

  أسبابها، فعلمنا وتيقنا علماً ضرورياً بالتجربة المرة بعد المرة أن واضع الراحة والسرور وعكسهما من الهم والغم والضيقة والضجر هو غير الإنسان، وهو الله رب العالمين وأقدر القادرين.

  نعم، فقوله تعالى: {لَا يَبْغُونَ عَنْهَا حِوَلًا ١٠٨}⁣[الكهف]، وقوله جل شأنه: {وَهُمْ فِي مَا اشْتَهَتْ أَنْفُسُهُمْ خَالِدُونَ ١٠٢}⁣[الأنبياء]، لأنه أقر الراحة وأثبتها وجميع المسارّ والملاذّ في قلوب أولياء الله خلقها وأدام بقاءها ومنع الهموم وكل ما ينغص اللذات من الوصول إليها، فهم بما يرون ويسمعون وما يملكون من الأزواج والخدم والقصور والمشتهيات من المأكولات والمشروبات والبساتين وغير ذلك يتنعمون ويتلذذون، وبما هم فيه من القوة والعافية والأمان من الموت ومن أضداد النعم يسعدون فلا ترد عليهم المصائب؛ لأن الله جل شأنه وعز سلطانه منعها، ألا تسمع يا صاحب العقل الزكي إلى أخبارهم بذلك فيما حمدوا به خالقهم وشكروا به رازقهم وهم في جناته يتنعمون وعندهم الأبكار الناعمات من البنات الحور الحسان التي ينفي الهم لو كان حاصلاً النظرُ في ملامح صورتها، عروسة لم يوجد لها نظير.

  تجري من تحتهم أنهارها بين البساتين المتجاورة والأشجار المثمرة والأرياح الطيبة، جيرانهم الخلاصة من بني آدم المؤمنين، فلما شاهدوا ورأوا وسمعوا ما هنالك وذاقوا بوجدانهم كل ذلك النعيم قالوا وأخبروا عن حالهم ومن صميم قلوبهم: {وَقَالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي أَذْهَبَ عَنَّا الْحَزَنَ}⁣[فاطر: ٣٤].