{القارعة 1 ما القارعة 2 وما أدراك ما القارعة 3 يوم يكون الناس كالفراش المبثوث 4 وتكون الجبال كالعهن المنفوش 5 فأما من ثقلت موازينه 6 فهو في عيشة راضية 7 وأما من خفت موازينه 8 فأمه هاوية 9 وما أدراك ما هيه 10 نار حامية 11}
  تقرع الأسماع من شدة الانفجار فلا سمع في ذلك اليوم إلا ويسمع هول ذلك الانفجار.
  نعم، لا يذكر الله شيئاً في القرآن مرتين أو ثلاثاً إلا لعظمه، وقد كرر لفظ القارعة ثلاث مرات فينبغي أن يصغي السامع بسمعه لألفاظها ويحضر قلبه لتدبر معانيها فهي على قصرها وقلة ألفاظها تحكي مشاهد من مشاهد القيامة وأحوال الناس في يوم الطامة، وما تؤول عاقبة المتقين إليه، وأين عاقبة الخاسرين.
  {يَوْمَ يَكُونُ النَّاسُ كَالْفَرَاشِ الْمَبْثُوثِ ٤} كل الناس قد جمعوا في صعيد واحد لا تغيب منهم نفس عاصية إلا وقد حضرت في ذلك اليوم العظيم فهم أمام الناظر كالفراش المبثوث يصطدم بعضهم في بعض ولا يدرون أين الاتجاه؛ إذ لا ملجأ ولا مأوى يأوون إليه، وكل فرد ينظر فيمن حوله قد يبس لسانه، وحجز عن الكلام لشدة ما رأى، فلا يرى إذا مد بصره في أي ناحية إلا بشراً فلا ماء ولا طعام ولا شجر ولا صديق ولا رفيق ولا زوجة ولا ولد، وتماماً كما قال الله تعالى: {يَوْمًا يَجْعَلُ الْوِلْدَانَ شِيبًا ١٧}[المزمل]، وكل ذلك ليس إلا بداية الأهوال والمصائب على أعدائه والنكال.
  {الْجِبَالُ كَالْعِهْنِ الْمَنْفُوشِ ٥} كالصوف المتشتت المتبدد كل قطعة من تلك الجبال كذرات الرمال حصل ذلك من هول الصرخة والانفجار، قال تعالى: {وَحُمِلَتِ الْأَرْضُ وَالْجِبَالُ فَدُكَّتَا دَكَّةً وَاحِدَةً ١٤}[الحاقة]، الأنساب والصداقة والعشرة في ذلك اليوم منتفية