شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين 133 الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين 134}

صفحة 62 - الجزء 1

  خروجكم من بطون أمهاتكم إلى أرضه وأثبت حبكم في قلوب الأمهات مع ما أودع فيهن من أرزاقكم، تنامون برحمته وهن يسهرن من أجلكم، يسعدن براحتكم وإن تعبن، خلق لكم هذا الرب كل متطلبات الحياة، وعرضكم بعد البلوغ على خيره العظيم في جنات النعيم فكيف لا تخجلون من ربكم، وتبادرون بتوبة نصوح إلى ما حثكم عليه ودعاكم إليه من مغفرته فإذا استشعرتم ذلك وعدتم بعقولكم إلى صوابكم ورشدكم فقد ظفرتم بجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين، وبتوبتكم الخالصة قد شملكم اسم المتقين إن أنتم أنفقتم ما يجب لله وللضعفاء والمساكين في أموالكم، وسواء كان ذلك في سراء أم في ضراء.

  وقد كان الإنفاق قبل نزول آيات الزكاة من الواجبات فلما نزلت آيات الزكاة نسخت وجوب الصدقات من واجب إلى مندوب قاله أمير المؤمنين وسيد الوصيين عليه سلام رب العالمين.

  ثم قال جل شأنه: {وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}⁣[آل عمران]، والكاظمين الغيض ما يكظم الغيظ عند وقوعه إلا عبدٌ غمرته رحمة الله وشملته هدايته، ما يكظم الغيض إلا مؤمن تداركه ربه بعنايته وألطافه؛ لأنه قلَّ من يكظم الغيظ ويتجرع مرارته حتى ولو كان ذلك الغيظ وسببه صادراً من أحب الناس إليه، فالغيظ وقت الغضب يشبه القدور المضغوطة التي ما بداخلها يغلي.