شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {وسارعوا إلى مغفرة من ربكم وجنة عرضها السموات والأرض أعدت للمتقين 133 الذين ينفقون في السراء والضراء والكاظمين الغيظ والعافين عن الناس والله يحب المحسنين 134}

صفحة 61 - الجزء 1

  

  قال الله تعالى: {وَسَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ وَجَنَّةٍ عَرْضُهَا السَّمَوَاتُ وَالْأَرْضُ أُعِدَّتْ لِلْمُتَّقِينَ ١٣٣ الَّذِينَ يُنْفِقُونَ فِي السَّرَّاءِ وَالضَّرَّاءِ وَالْكَاظِمِينَ الْغَيْظَ وَالْعَافِينَ عَنِ النَّاسِ وَاللَّهُ يُحِبُّ الْمُحْسِنِينَ ١٣٤}⁣[آل عمران]:

  {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} حث الله المؤمنين في هذه الآية الكريمة على المسارعة والمسابقة والتنافس إلى ما به يسعدون في حياتهم الدنيا وفي آخرتهم إن هم أجابوا داعي الله ولبوا طلبه وامتثلوا أمره، أمرهم الله بالمسارعة إلى مغفرة ورحمة واسعة.

  نعم، في أمره بالمسارعة إلى مغفرة إشعارٌ بأن العرض الرباني له حدود لا يتعداها وقد حدد الله - جلت قدرته وعظمت منته - قبول توبة التائبين بورود الموت وحضور الملائكة لقبض أرواحهم وبعد ذلك تغلق أبواب التوبة في وجوه المجرمين.

  انظر رحمة الله لعباده كيف قال سبحانه: {سَارِعُوا إِلَى مَغْفِرَةٍ} ولم يقل: إلى توبة - أراد تبارك وتعالى أن المغفرة واقعة وثابتة منه للتائبين وما عليهم إلا أن يفعلوا السبب بأن يجعلوا لمولاهم ومالكهم سلطاناً بالتوبة لغفران ذنوبهم ومحو سيئاتهم.

  ثم انظر في قوله تعالى: {إِلَى مَغْفِرَةٍ مِنْ رَبِّكُمْ} أراد أن يلفت أنظارهم بقوله {مِنْ رَبِّكُمْ} إلى من رباهم، خلقكم تفضلاً منه تعالى ورباكم برزقه وعنايته في بطون أمهاتكم وحفظه ثم سهل