شرح وبيان لآيات وأحاديث وحكم علوية،

عبد الله بن علي القذان (معاصر)

قال الله تعالى: {كل نفس ذائقة الموت وإنما توفون أجوركم يوم القيامة فمن زحزح عن النار وأدخل الجنة فقد فاز وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور 185}

صفحة 72 - الجزء 1

  نفوسهم ما زكا منهم من أحد ولانكبوا على الشهوات وانغمسوا جميعاً في الشبهات.

  فلما تعرضوا لرحمة الله بالامتثال في بداية أمرهم زادهم الله هدى إلى هداهم، وتجاوز برحمته عن سيئ أفعالهم؛ لأنه أرحم الراحمين وأكرم الأكرمين، ومن أجل ذلك لو شكر الإنسان ربه ليلاً ونهاراً حتى يفني في ذلك عمره لم يؤد إلا قليلاً من كثير، {وَإِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لَا تُحْصُوهَا إِنَّ الْإِنْسَانَ لَظَلُومٌ كَفَّارٌ ٣٤}⁣[إبراهيم]، ومن أقوى أسباب النجاة الالتجاء إلى الله وإظهار الافتقار، كيف لو وكلنا إلى أنفسنا وحولنا وقوتنا، وسلبنا التوفيق مقابل غفلتنا وإعراضنا في جلة أوقاتنا، وما يؤمننا من ذلك إذا تمادينا في الغفلة؟

  فإذا أراد الإنسان أن يزيده الله توفيقاً فليكن على حذر من عواقب الأمور، ويمعن بنظره ويصغي بسمع قلبه إلى ما تحكيه آيات الوعيد والتهديد، من عذاب المجرمين، ومن تعذيب الملائكة لأعداء الدين، وعلى كل عاقل أن يعلم أن الله غني عن الكذب وعالم بقبح القبيح وأن الكذب من جملة القبيح.

  إذاً فكل ما هدد الله به المجرمين في كتابه وعلى لسان رسوله فهو واقع لا محالة.

  نعم، لو يعطى إنسان ذهب الدنيا وفضتها على أن يوضع في كفة يده جمرة موقدة في كل شهر حتى تنطفئ وتبرد لما أطاق ذلك، ولو كان أطمع بشر على وجه الأرض، فكيف بالعاصي إذا تحول في جهنم إلى