الرابع: ما ركب كذلك من الظروف
  والنوع الثاني: المضارع الذي باشرته نون التوكيد، كقوله تعالى: {لَيُنْبَذَنَّ فِي الْحُطَمَةِ}[الهمزة - ٤] واحترزت باشتراط المباشرة من نحو قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَّ فِي أَمْوالِكُمْ وَأَنْفُسِكُمْ وَلَتَسْمَعُنَ}[آل عمران، ١٨٦] فإن الفعل في ذلك معرب وإن أكد بالنون؛ لأنه قد فصل بينهما بالواو التي هي ضمير الفاعل، وهي ملفوظ بها في قوله تعالى: {لَتُبْلَوُنَ} ومقدرة في قوله تعالى: {وَلَتَسْمَعُنَ} إذ الأصل لتسمعوننّ، فحذفت نون الرفع استثقالا لاجتماع الأمثال، فالتقى ساكنان الواو والنون المدغمة؛ فحذفت الواو لالتقاء الساكنين.
  والنوع الثالث: ما ركّب تركيب المزج من الأعداد، وهو الأحد عشر، والإحدى عشرة، إلى التّسعة عشر والتّسع عشرة، تقول: جاءني أحد عشر، ورأيت أحد عشر، ومررت بأحد عشر، ببناء الجزأين على الفتح، وكذلك القول في الباقي، إلا «اثنى عشر» و «اثنتي عشرة» فإن الجزء الأول منهما معرب إعراب المثنى: بالألف رفعا، وبالياء جرّا ونصبا.
  والنوع الرابع: ما ركّب تركيب المزج من الظروف: زمانية كانت أو مكانية، مثال ما ركب من ظروف الزمان قولك: فلان يأتينا صباح مساء، والأصل صباحا ومساء، أي في كل صباح ومساء؛ فحذف العاطف، وركّب الظّرفان قصدا للتخفيف تركيب خمسة عشر، قال الشاعر:
  ٢٠ - ومن لا يصرف الواشين عنه ... صباح مساء يبغوه خبالا
  ولو أضفت فقلت «صباح مساء» لجاز، أي: صباحا ذا مساء؛ فلذلك أضفته إليه
٢٠ - هذا بيت من الوافر، وهو البيت الرابع من قصيدة لكعب بن زهير بن أبي سلمى المزني، أولها قوله:
ألا أسماء صرّمت الحبالا ... فأصبح غاديا عزم ارتحالا
وقد قال أبو سعيد السكري شارح ديوان كعب قبل روايتها: «وقال أيضا في رجل من مزينة قتلته الأوس والخزرج، وليست في رواية أبي عبيدة والأصمعي، ولكنها مما انفرد بروايتها أبو عمرو وإسحاق بن مرار الشيباني» اه.