الثالث: ما ركب تركيب مزج من الأعداد
  ٢١ - آت الرّزق يوم يوم فأجمل ... طلبا وابغ للقيامة زادا
  ومثال ما ركّب من ظروف المكان قولك: سهّلت الهمزة بين بين(١)، وأصله بينها وبين حرف حركتها، فحذف ما أضيف إليه بين الأولى وبين الثانية، وحذف العاطف، وركّب الظرفان، قال الشاعر:
  ٢٢ - نحمي حقيقتنا وبعض القوم يسقط بين بينا
  والأصل: بين هؤلاء وبين هؤلاء، فأزيلت الإضافة، وركّب الاسمان تركيب خمسة عشر، وهذان الظرفان اللذان صارا ظرفا واحدا في موضع نصب على الحال؛
٢١ - لم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولا عثرت له على سوابق أو لواحق تتصل به.
اللّغة: «آت» اسم فاعل فعله أتى «أجمل» بقطع الهمزة - أمر من الإجمال، وهو الإحسان، «ابغ» اطلب، وهو فعل أمر ماضيه بغى بمعنى طلب.
الإعراب: «آت» خبر مقدم، مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، منع من ظهورها الثقل، «الرزق» مبتدأ مؤخر «يوم يوم» ظرف زمان متعلق بآت، مبني على فتح الجزأين في محل نصب، «أجمل» فعل أمر، مبني على السكون لا محل له من الإعراب، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «طلبا» مفعول به لأجمل، «وابغ» الواو عاطفة، ابغ:
فعل أمر مبني على حذف الياء، والكسرة قبلها دليل عليها، والفاعل ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «للقيامة» جار ومجرور متعلق بابغ، أو متعلق بمحذوف حال من قوله زادا الآتي، على أنه في الأصل نعت له، فلما تقدم عليه صار حالا، «زادا» مفعول به لابغ.
الشّاهد فيه: قوله «يوم يوم» حيث ركب الظرفين معا، وجعلهما بمنزلة اسم واحد، فتضمنا معنى حرف العطف، فبناهما على فتح الجزأين، ولو لم يركبهما معا فيتضمنا معنى الحرف لأعربهما وأضاف الأول إلى الثاني.
٢٢ - هذا بيت من الكامل لعبيد بن الأبرص الأسدي، من كلمة يقولها لأمرئ القيس بن حجر الكندي، وكان بنو أسد قوم عبيد قد قتلوا حجرا أبا امرئ القيس، فأنذرهم امرؤ القيس، وهددهم، وفي ذلك يقول عبيد من قصيدة الشاهد:
(١) هذه من عبارات الصرفيين في باب تسهيل الهمزة، وسيبويه يذكرها كثيرا وقد يقولون «همزة بين بين».