شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: ما ركب كذلك من الأحوال

صفحة 109 - الجزء 1

  قال الشاعر يصف ثورا يطعن الكلاب بقرنه:

  ٢٣ - يساقط عنه روقه ضارياتها ... سقاط شرار القين أخول أخولا

  وفي الحديث «كان يتخوّلنا بالموعظة» أي يتعهّدنا بها شيئا فشيئا مخافة السآمة علينا، قال أبو علي: «هو من قولهم: تساقطوا أخول أخول: أي شيئا بعد شيء» وكان الأصمعي يرويه «يتخوّننا» بالنون - ويقول: معناه يتعهّدنا.

  فإن قلت: ما الفرق بين هذا النوع والبيت الذي أنشدته في النوع الذي قبله، فإنك زعمت ثمّ أن «بين بين» فيه حال؟.

  قلت: معنى قولي هناك أنه متعلق باستقرار محذوف، وذلك المحذوف هو الحال، لا أنه نفسه حال، بخلاف هذا النوع؛ فإن المركب نفسه حال لأنه ليس بظرف، [بخلاف «بين بين» فإنه ظرف].


٢٣ - هذا بيت من الطويل من كلام ضابئ البرجمي، كما ذكره في اللسان (مادة خ ول)، ورواه أبو زيد في نوادره (ص ١٤٥) ولم يستشهد به سيبويه مع أنه تكلم على قوله: «أخول أخول» (ص ٥٦ ج ٢) فقال: «وأما أخول أخول فلا يخلو من أن يكون كشغر بغر وكيوم يوم» اه.

اللّغة: «روقه» بفتح الراء المهملة وسكون الواو - هو القرن، «ضارياتها» جمع ضارية، وأصله اسم فاعل من «ضرى الحيوان يضرى» من باب علم يعلم - وأراد بها الكلاب، «القين» بفتح القاف وسكون الياء المثناة - هو الحداد، «أخول أخول» يعني شيئا فشيئا، وهو يؤدي معنى متفرقين.

الإعراب: «يساقط» فعل مضارع، «عنه» جار ومجرور متعلق به، «روقه»: فاعل يساقط، وروق مضاف والهاء ضمير الغائب العائد على الثور مضاف إليه، «ضارياتها» ضاريات: مفعول به ليساقط، منصوب بالكسرة نيابة عن الفتحة لأنه جمع مؤنث سالم، وضاريات مضاف وضمير الغائبات العائد على الكلاب مضاف إليه، «سقاط» مفعول مطلق، عامله يساقط، وهو مضاف، و «شرار» مضاف إليه، وهو مضاف، و «القين» مضاف إليه، «أخول أخولا» حال، بمعنى متفرقين، مبني على فتح الجزأين في محل نصب، والألف الأخيرة للإطلاق.

الشّاهد فيه: قوله «أخول أخولا» فإنه ركبهما معا، وجعلهما كالكلمة الواحدة وبناهما معا على فتح الجزأين، لما كان يريد معنى لحال منهما، وضمنهما معنى واو العطف فصارا شبيهين بأحد عشر وأخواته، ولو لا ذلك لوجب أن يضيف الأول إلى الثاني كما سيأتي التنبيه عليه في كلام المؤلف.