شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: ما ركب كذلك من الأحوال

صفحة 110 - الجزء 1

  وإذا أخرجت شيئا من هذه الظروف والأحوال⁣(⁣١) عن الظرفية والحالية تعيّنت الإضافة وامتنع التركيب، تقول: هذه همزة بين بين، مخفوض الأوّل غير منوّن والثاني منوّنا، ومثله فلان يأتينا كلّ صباح مساء، قال:

  ٢٤ - ولو لا يوم يوم ما أردنا ... جزاءك والقروض لها جزاء

  وهذا يفهم من كلامي في المقدمة؛ فإني قلت: «وما ركّب من الظروف والأحوال» فعلم أن البناء المذكور مقيّد بوجود الظرفية والحالية. وأنها متى فقدت


٢٤ - هذا بيت من الوافر للفرزدق، وهو بيت منفرد في ديوانه، وهو منسوب إليه في لسان العرب، وهو من شواهد العلامة الرضي في شرح الكافية (انظر البغدادي ج ٣ ص ١٠٨ بولاق) وهو أيضا من شواهد سيبويه (٢/ ٥٢).

اللّغة: «القروض» جمع قرض - بفتح القاف وسكون الراء - وأصله ما تدين به غيرك من المال، ويراد به كل ما تقدم من بر وصلة، «جزاءك» مكافأة تقابله.

المعنى: قال الأعلم: «يقول: لو لا نصرنا لك في اليوم الذي تعلم ما طلبنا جزاءك، وجعل نصرهم قرضا يطالبونه بالجزاء عليه» اه.

الإعراب: «لو لا» حرف يدل على امتناع الشيء لوجود غيره، «يوم» مبتدأ مرفوع بالضمة الظاهرة، وهو مضاف و «يوم» مضاف إليه مجرور بالكسرة الظاهرة، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا، «ما» نافية، «أردنا» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها جواب لو لا، «جزاءك» مفعول به لأردنا، ومضاف إليه، «والقروض» الواو واو الحال، القروض: مبتدأ أول مرفوع بالضمة الظاهرة، «لها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، «جزاء» مبتدأ ثان مؤخر، وجملة هذا المبتدأ وخبره في محل رفع خبر المبتدأ السابق، وجملة المبتدأ السابق وخبره في محل نصب حال.


(١) ههنا أمران يجب أن تتنبه لهما: الأول أن الأعداد المركبة - نحو أحد عشر وثلاثة عشر - لا يجوز فيها على أرجح اللغات إلا جعل الجزأين على تضمن معنى حرف العطف، وأما الظروف المركبة والأحوال المركبة فيجوز ألا تكون على تضمن معناه ويشير إلى هذا أن المؤلف قصر الخروج على الظروف والأحوال، ويترتب على هذا أن تكون الأعداد المركبة ملازمة للبناء على فتح الجزأين، وأن الظروف والأحوال المركبة يجوز فيهما البناء وعدمه، والأمر الثاني: أن الظروف والأحوال عند تضمن معنى الحرف والتركيب ملازمة للظرفية والحالية؛ فإذا لم تتضمن معنى الحروف أو أضيف أولها إلى ثانيها وقعت في غير ذلك من مواقع الإعراب كما وقع الظرف مبتدأ في قول الشاعر: «ولو لا يوم يوم».