السادس: الزمن المبهم المضاف لجملة
  المضاف الإعراب، فلذلك قرأ السبعة كلهم إلا نافعا برفع اليوم على الإعراب؛ لأنه خبر المبتدأ، وقرأ نافع وحده بفتح اليوم على البناء.
  والبصريون يمنعون في ذلك البناء، ويقدّرون الفتحة إعرابا(١) مثلها في «صمت يوم الخميس»، والتزموا لأجل ذلك أن تكون الإشارة ليست لليوم، وإلا لزم كون الشيء ظرفا لنفسه، والثاني كقول الشاعر:
  ٢٦ - تذكّر ما تذكّر من سليمى ... على حين التّواصل غير دان
٢٦ - هذا بيت من بحر الوافر، ولم أقف لهذا البيت على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٣٧) والأشموني في باب الإضافة (رقم ٦٢١).
الإعراب: «تذكر» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو، «ما» اسم موصول بمعنى الذي مفعول به لتذكر، مبني على السكون في محل نصب، «تذكر» فعل ماض، وفيه ضمير مستتر جوازا هو فاعله، والجملة لا محل لها صلة، والعائد محذوف، وأصله ضمير منصوب بتذكر الثاني، والتقدير: تذكر الذي تذكره، «من سليمى» جار ومجرور متعلق بتذكر أو بمحذوف حال من ما الموصولة، «على» حرف جر، «حين» يروى بالجر على أنه معرب ويروى بالفتح على أنه مبني، وعلى كل حال هو مجرور بعلى إما لفظا وإما محلّا، والجار والمجرور متعلق بتذكر الأول، «التواصل» مبتدأ، «غير» خبره وغير مضاف و «داني» مضاف إليه، وهذه الياء متولدة عن إشباع الكسرة لأن ياء المنقوص المنون تحذف للتخلص من التقاء الساكنين، والجملة من المبتدأ والخبر في محل جر بإضافة حين إليها.
الشّاهد فيه: قوله «على حين التواصل غير دان» حيث روي لفظ «حين» على وجهين: الأول:
(١) إذا قرأت «يوم» بالرفع فهو خبر عن «هذا» واسم الإشارة يراد به اليوم، ويوم حينئذ معرب، وهذا الوجه لا يخالف فيه البصريون ولا الكوفيون، وإذا قرأت «يوم» بفتح الميم غير منون فالكوفيون يجيزون أن تكون هذه الفتحة بناء، وعلى هذا يكون «يوم» خبرا عن هذا، مبنيّا على الفتح في محل رفع، والإشارة لليوم أيضا، والمعنى هو المعنى الذي تدل عليه قراءة الرفع، وكأنه قيل: هذا اليوم هو يوم ينفع الصادقين صدقهم. والبصريون لا يجيزون أن يكون «يوم» مبنيّا، وتخريج الآية الكريمة على مذهبهم في قراءة فتح الميم من «يوم» أن تجعل «هذا» مبتدأ، وخبره محذوفا، وعلى هذا يكون «يوم» ظرف زمان متعلقا بقال، وكأنه قيل: قال الله في يوم ينفع الصادقين صدقهم هذا جزاء صدقك، ويجوز وجه آخر، وهو أن يكون «يوم» ظرف زمان متعلقا بمحذوف خبر عن «هذا»، وعلى هذا تكون الإشارة للسؤال الواقع من الله تعالى، والجواب الواقع من عيسى #، وكأنه قيل: هذا الذي ذكر من سؤال الله تعالى لعيسى وجواب عيسى # واقع في اليوم الذي ينفع فيه الصادقين صدقهم، فافهم هذا التحقيق؛ فإنه نفيس وقد حاولت تيسير عبارته عليك، والله ينفعك به.