شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: لفظ «أمس» عند الحجازيين، إذا أريد به اليوم الذي قبل يومك

صفحة 134 - الجزء 1

  ثم قال:

  اليوم أعلم ما يجيء به ... ومضى بفصل قضائه أمس

  الثانية: إعرابه إعراب ما لا ينصرف مطلقا، وهي لغة بعض بني تميم، وعليها قوله:

  ٤٢ - لقد رأيت عجبا مذ أمسا ... عجائزا مثل السّعالي خمسا

  يأكلن ما في رحلهنّ همسا ... لا ترك الله لهنّ ضرسا

  وقد وهم الزجّاجيّ، فزعم أن من العرب من يبني أمس على الفتح، واستدل بهذا البيت.


الشّاهد فيه: قوله: «مضى أمس» فإن كلمة أمس قد وردت مكسورة مع أنها فاعل لمضى، والدليل على كسرها قوافي الأبيات السابقة، وللدلالة على هذا روى المؤلف البيت الأول من البيتين، فلما كانت مكسورة وهي في محل رفع علمنا أنها مبنية على الكسر، من قبل أنه لا يمكن أن يكون الفاعل في المطرد من اللسان العربي إلا مرفوعا: إما لفظا، وإما تقديرا وإما محلّا، فاعرف هذا.

٤٢ - هذه أبيات من مشطور الرجز، وهي من الشواهد التي لا يعلم قائلها، وقد أنشد سيبويه البيت الأول منها (ج ٢ ص ٤٤) وقد أنشد المؤلف أول بيت في كتابه أوضح المسالك (رقم ٤٨٢) وأنشد جميع ما أنشده هنا مع زيادة في كتابه قطر الندى (رقم ٣).

اللّغة: «السعالي» جمع سعلاة - بكسر سين المفرد - وهي الغول، وقيل: ساحرة الجن «همسا» الهمس: الخفاء وعدم الظهور، أو هو الصوت الخفي.

الإعراب: «لقد» اللام موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق، «رأيت» فعل وفاعل، «عجبا» مفعول به، «مذ» حرف جر «أمسا» مجرور بمذ، وعلامة جره الفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف للعلمية والعدل، والجار والمجرور متعلق برأيت «عجائزا» بدل من قوله عجبا، «مثل» صفة لعجائز، ومثل مضاف و «السعالي» مضاف إليه، «خمسا» صفة لعجائز، «يأكلن» فعل وفاعل، «ما» اسم موصول مفعول به ليأكل، «في رحلهن» الجار والمجرور متعلق بفعل محذوف تقع جملته صلة لا محل لها، ورحل مضاف وضمير الغائبات مضاف إليه، «همسا» مفعول مطلق عامله قوله: يأكلن، وأصله صفة لموصوف محذوف، أي: يأكلن أكلا همسا، «لا» دعائية «ترك» فعل ماض، «والله» فاعل ترك، «لهن» جار ومجرور متعلق بترك «ضرسا» مفعول به لترك.