شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الخامس: لفظ «أمس» عند الحجازيين، إذا أريد به اليوم الذي قبل يومك

صفحة 135 - الجزء 1

  الثالثة: إعرابه إعراب ما لا ينصرف في حالة الرفع خاصة، وبناؤه على الكسر في حالتي النصب والجرّ، وهي لغة جمهور بني تميم، يقولون: «ذهب أمس» فيضمونه بغير تنوين، و «اعتكفت أمس، وعجبت من أمس» فيكسرونه فيهما، وهذا كله يفهم من قولي في المقدمة «ويمنع الصرف في الباقي»، وقولي «الباقي» أردت به «أمس» في الرفع وما ليس في آخره راء من باب حذام وقطام.

  وإذا أريد بأمس يوم ما من الأيام الماضية، أو كسّر، أو دخلته «أل» أو أضيف - أعرب بإجماع، تقول: «فعلت ذلك أمسا» أي في يوم ما من الأيام الماضية، وقال الشاعر:

  ٤٣ - مرّت بنا أوّل من أموس ... تميس فينا ميسة العروس

  وتقول: «ما كان أطيب أمسنا»⁣(⁣١) وذكر المبرد والفارسيّ وابن مالك والحريري


الشّاهد فيه: قوله «مذ أمسا» فإن كلمة أمس قد وردت في هذه الأبيات مفتوحة مع أنها مسبوقة بحرف جر، فدل على أنها عوملت معاملة ما لا ينصرف، فجرت بالفتحة نيابة عن الكسرة، ولا يجوز أن تكون معربة منصرفة وهو ظاهر، ولا أن تكون مبنية؛ لأنها لو كانت مبنية لكسرت، إذ ليس في العرب من يبنيه على الفتح، خلافا لما زعمه الزجاجي.

٤٣ - هذا بيت من الرجز، أو بيتان من مشطوره، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده في اللسان عن جماعة، ولم يعين قائله.

اللّغة: «تميس» تتبختر «ميسة العروس» الذي في اللسان «مشية العروس».

الإعراب: «مرت» مر: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، «بنا» جار ومجرور متعلق بمر، «أول» ظرف زمان منصوب بمر، وأصل الكلام: مرت بنا وقتا أول، «من أموس» جار ومجرور متعلق بأول، «تميس» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، والجملة في محل نصب حال من فاعل مرت «فينا» جار ومجرور متعلق بتميس، «ميسة» مفعول مطلق، وميسة مضاف و «العروس» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «أموس» فإنه جمع أمس، وهو معرب، ألا تراه مجرورا بالكسرة الظاهرة بعد حرف الجر؟ وذلك لأن الجمع من خصائص الأسماء، وخصائص الأسماء علة قادحة في البناء، إذا وجدت منعت منه، فافهم ذلك.


(١) ما: تعجبية مبتدأ، مبني على السكون في محل رفع، كان: زائدة فلا محل لها من الإعراب، أطيب: فعل =