شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

دخول «رب» على الضمير في نحو «ربه رجلا»

صفحة 167 - الجزء 1

  والضمير معرفة، وقد دخلت عليه ربّ؛ فبطل القول بأنها لا تدخل إلّا على النكرات.

  قلت: لا نسلم أن الضمير فيما أوردته معرفة، بل هو نكرة؛ وذلك لأن الضمير في المثال والبيت راجع إلى ما بعده: من قولك «رجلا» وقول الشاعر «فتية» وهما نكرتان.

  وقد اختلف النحويون في الضمير الراجع إلى النكرة: هل هو نكرة أو معرفة؟ على مذاهب ثلاثة:

  أحدها: أنه نكرة مطلقا.

  والثاني: أنه معرفة مطلقا.

  والثالث: أن النكرة التي يرجع إليها ذلك الضمير إما أن تكون واجبة التنكير أو جائزته، فإذا كانت واجبة التنكير كما في المثال والبيت فالضمير نكرة، وإن كانت جائزته؛ كما في قولك «جاءني رجل فأكرمته» فالضمير معرفة، وإنما كانت النكرة في المثال والبيت واجبة التنكير لأنها تمييز، والتمييز لا يكون إلا نكرة، وإنما كانت في قولك «جاءني رجل فأكرمته» جائزة التنكير لأنها فاعل، والفاعل لا يجب أن يكون نكرة، بل يجوز أن يكون نكرة وأن يكون معرفة، تقول: «جاءني رجل» و «جاءني زيد».


وهذا الذي اختاره المؤلف ههنا - من أن الضمير في هذا الموضع نكرة لعوده على نكرة - ليس هو ما رجحه ابن مالك، ولا هو مذهب البصريين الذي اعتاد العلماء أن ينصروه، والراجح عندهم تسليم أن هذا الضمير معرفة، وادعاء أن دخول رب على الضمير شاذ لا يقاس عليه، وهذا هو الذي ذكره ابن مالك في الخلاصة بقوله:

وما رووا من نحو «ربّه فتى» ... نزر، كذاكها ونحوه أتى

والقول بأن الضمير الذي يعود إلى نكرة يكون نكرة، والضمير الذي يعود إلى معرفة يكون معرفة هو قول جمهور الكوفيين.

وقد استوفى المؤلف ذكر مذاهب النحاة في هذه المسألة - وإن كان لم يذكر أدلة فريق منهم - فلا حاجة بنا إلى أن نذكر لك شيئا عنها، وبخاصة إذا كان مبنى هذا الشرح على الإيجاز.