شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

دخول «رب» على الضمير في نحو «ربه رجلا»

صفحة 166 - الجزء 1

  فدخلت «ربّ» عليهما، ولا تدخل إلّا على النكرات، فعلم أن المعنى ربّ شخص أنضجت قلبه غيظا، وربّ شيء من الأمور تكرهه النفوس.

  فإن قلت: فإنك تقول: «ربّه رجلا» وقال الشاعر:

  ٦٥ - ربّه فتية دعوت إلى ما ... يورث المجد دائبا فأجابوا


في قوة النكرة، «كحل» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لفرجة، وحل مضاف، و «العقال» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «ربما» حيث استعمل «ما» نكرة موصوفة؛ بدليل دخول «رب» عليها؛ لأن رب لا يكون مجرورها إلا نكرة، ولا يجوز لك أن تزعم أن «ما» في هذا الشاهد حرف يكف رب عن جر ما بعده، لأنه اسم ألبتة؛ بدليل عود الضمير عليه في قوله «له» كما أنه يعود عليه ضمير منصوب بتكره، وقد علمت أن الضمير لا يعود إلا على الاسم.

٦٥ - هذا بيت من الخفيف، ولم أجد من نسب هذا الشاهد إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٩٣).

اللّغة: «فتية» جمع فتى، «دائبا» ملحّا، وهو اسم فاعل من قولهم: دأب على الأمر يدأب دأبا - بفتح الدال والهمزة - ودؤوبا، إذا لزمه وثابر على فعله.

الإعراب: «ربه» رب: حرف جر شبيه بالزائد، والضمير في محل جر بربّ، وفي محل رفع بالابتداء، «فتية» تمييز للضمير، منصوب بالفتحة الظاهرة، «دعوت» فعل وفاعل والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، «إلى» حرف جر «ما» اسم موصول مبني على السكون في محل جر بإلى، والجار والمجرور متعلق بدعا، «يورث» فعل مضارع، وفيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو يعود إلى «ما» وهو فاعل، «المجد» مفعول به ليورث، والجملة من الفعل المضارع وفاعله المستتر فيه ومفعوله لا محل لها صلة الموصول، «فأجابوا» الفاء عاطفة، أجابوا: فعل وفاعل، والجملة في محل رفع معطوفة بالفاء على جملة دعوت.

الشّاهد فيه: قوله «ربه فتية» حيث دخلت رب على الضمير؛ فدل ظاهر ذلك على أن قولنا «إن رب لا تجر إلا النكرات» غير صحيح، لأن الضمير معرفة، بل هو أعرف المعارف، وقد دخلت عليه رب.

وقد أجاب المؤلف عن هذا الاعتراض بأن الضمير ههنا ليس معرفة، فضلا على أن يكون أعرف المعارف، وإنما هو نكرة، والدليل على ذلك أنه عائد إلى نكرة وهي قوله فتية، والضمير إذا عاد إلى نكرة فهو نكرة.