شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث من المرفوعات: المبتدأ وهو نوعان

صفحة 210 - الجزء 1

  و «ما مضروب العمران».

  وأقول: الثالث من المرفوعات: المبتدأ، وهو نوعان: مبتدأ له خبر، وهو الغالب، ومبتدأ ليس له خبر، لكن له مرفوع يغني عن الخبر.

  ويشترك النوعان في أمرين؛ أحدهما: أنهما مجرّدان عن العوامل اللفظية، والثاني: أن لهما عاملا معنويّا - وهو الابتداء - ونعني به كونهما على هذه الصورة من التجرد للإسناد.

  ويفترقان في أمرين؛ أحدهما: أن المبتدأ الذي له خبر يكون اسما صريحا، نحو: «الله ربّنا» و «محمّد نبيّنا» ومؤوّلا بالاسم، نحو: {وَأَنْ تَصُومُوا خَيْرٌ لَكُمْ}⁣[البقرة، ١٨٤]، أي وصيامكم خير لكم، ومثله قولهم «تسمع بالمعيديّ خير من أن تراه»⁣(⁣١)، ولذلك قلت «المجرد» ولم أقل الاسم المجرد.

  ولا يكون المبتدأ المستغني عن الخبر في تأويل الاسم ألبتة، بل ولا كل اسم، بل [يكون] اسما هو صفة، نحو «أقائم الزّيدان» و «ما مضروب العمران».

  والثاني: أن المبتدأ الذي له خبر لا يحتاج إلى شيء يعتمد عليه، والمبتدأ المستغني عن الخبر لا بد أن يعتمد على نفي أو استفهام كما مثّلنا، وكقوله:

  ٨٤ - خليليّ ما واف بعهدي أنتما ... إذا لم تكونا لي على من أقاطع


٨٤ - هذا بيت من الطويل، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد استشهد به الأشموني (رقم ١٣٦) والمؤلف في أوضحه (رقم ٦٤) وفي القطر (رقم ٣٨).

الإعراب: «خليلي» منادى بحرف نداء محذوف، منصوب بالياء لأنه مثنى، وهو مضاف وياء المتكلم المدغمة في ياء الإعراب مضاف إليه، «ما» نافية، «واف» مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على الياء المحذوفة للتخلص من التقاء الساكنين، «بعهدي» بعهد: جار ومجرور متعلق بواف، وعهد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «أنتما» فاعل بواف سد مسد الخبر، «إذا» ظرفية تضمنت معنى الشرط، «لم» نافية جازمة، «تكونا» فعل مضارع ناقص مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف النون، وألف الاثنين اسم تكون، «لي» جار ومجرور متعلق بتكون، «على» حرف جر، «من» اسم


(١) قد تكلمنا على هذا المثل كلاما وافيا فارجع إليه في (ص ٤١ و ١٨٥) من هذا الكتاب.