الثالث من المرفوعات: المبتدأ وهو نوعان
  وقوله:
  ٨٥ - أقاطن قوم سلمى أم نووا ظعنا ... إن يظعنوا فعجيب عيش من قطنا
  وقولي «رافعا لمكتفى به» أعمّ من أن يكون ذلك المرفوع اسما ظاهرا، ك «قوم سلمى» في البيت الثاني، أو ضميرا منفصلا، ك «أنتما» في البيت الأول، وفيه ردّ على الكوفيين والزّمخشري وابن الحاجب؛ إذ أوجبوا أن يكون المرفوع ظاهرا، وأوجبوا في قوله تعالى: {أَراغِبٌ أَنْتَ}[مريم - ٤٦] أن يكون محمولا على التقديم
موصول مبني على السكون في محل جر بعلي، والجار والمجرور متعلق بمحذوف خبر تكون «أقاطع» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، والجملة لا محل لها صلة، والعائد ضمير محذوف منصوب بأقاطع، وجواب إذا محذوف يدل عليه سياق الكلام، والتقدير: إذا لم تكونا لي على من أقاطعه فما واف بعهدي أنتما.
الشّاهد فيه: قوله «ما واف أنتما» حيث رفع الوصف الذي هو واف ضميرا منفصلا على أنه فاعل أغنى عن الخبر؛ لكونه معتمدا على حرف النفي وهو ما، ولا يجوز جعل هذا الضمير مبتدأ والوصف خبرا عنه؛ لئلا يلزم الإخبار بالمفرد وهو واف عن المثنى وهو أنتما، وذلك لا يجوز عند أحد من العلماء؛ لأن العرب لا يتكلمون بنظيره، والبيت رد صارخ على من زعم أن فاعل الوصف المغنى عن الخبر لا يكون ضميرا منفصلا، وهم الذين ذكرهم الشارح فيما بعد (ص ٢١٢ التالية).
٨٥ - هذا بيت من البسيط، ولم يتيسر لي الوقوف على نسبته إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ١٣٤) والمؤلف في أوضحه (رقم ٦٥) وفي القطر (رقم ٣٩).
الإعراب: «أقاطن» الهمزة للاستفهام، قاطن: مبتدأ، «قوم» فاعل قاطن أغنى عن خبره، وقوم مضاف، و «سلمى» مضاف إليه، «أم» حرف عطف «نووا» فعل وفاعل، «ظعنا» مفعول به لنووا، وجملة الفعل وفاعله معطوفة على جملة المبتدأ وفاعله، وحسن ذلك لأن جملة المبتدأ وفاعله في قوة الجملة الفعلية، «إن» شرطية، «يظعنوا» فعل مضارع فعل الشرط مجزوم بإن وعلامة جزمه حذف النون، وواو الجماعة فاعله، «فعجيب» الفاء واقعة في جواب الشرط، عجيب: خبر مقدم، «عيش» مبتدأ مؤخر، والجملة في محل جزم جواب الشرط، و «عيش» مضاف و «من» اسم موصول مضاف إليه، مبني على السكون في محل جر، «قطنا» فعل ماض، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى من، والجملة لا محل لها صلة، والألف للإطلاق.
الشّاهد فيه: قوله «أقاطن قوم سلمى» حيث اكتفى بالفاعل الذي هو قوله «قوم سلمى» عن خبر المبتدأ؛ لكون ذلك المبتدأ الذي هو قوله «قاطن» وصفا معتمدا على أداة الاستفهام، وهي الهمزة.