شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تحذف كان مع اسمها ويبقى خبرها بعد إن أو لو الشرطيتين

صفحة 216 - الجزء 1

  لأن كنت ذا نفر افتخرت عليّ، والمراد بالضّبع السّنة المجدبة.

  المسألة الثانية: حذف «كان» مع اسمها وإبقاء خبرها، وذلك جائز لا واجب، وشرطه: أن يتقدمها «إن» أو «لو» الشرطيتان؛ فالأول كقوله ÷: «النّاس مجزيّون بأعمالهم إن خيرا فخير، وإنّ شرّا فشرّ» فتقديره: إن كان عملهم خيرا فجزاؤهم خير، وإن كان عملهم شرّا فجزاؤهم شر، وهذا أرجح الأوجه في مثل هذا التركيب، وفيه وجوه أخر⁣(⁣١) والثاني كقوله ÷: «التمس ولو خاتما من حديد» أي ولو كان الذي تلتمسه خاتما من حديد.


المعنى: لا ينبغي لك أن تفخر عليّ؛ لأنك لو افتخرت عليّ لم تجد ما تفخر به إلا أن تذكر أن قومك كثيرو العدد، وليست كثرة العدد من المفاخر؛ لأن قومي إنما نقص عددهم وقوفهم في صفوف الجهاد، وإغاثتهم الملهوف، وإجابتهم الصريخ، ولم ينقصهم الجدب ولا الجوع؛ فهو في المعنى كقول شاعر الحماسة:

إنّي لمن معشر أفنى أوائلهم ... قيل الكماة: ألا أين المحامونا

الإعراب: «أبا» منادى بحرف نداء محذوف، وأبا مضاف و «خراشة» مضاف إليه، «أما» هذا لفظ مركب من كلمتين، الأولى أن المصدرية، والثانية ما؛ فأما أن فحرف مصدري، وأما ما فحرف زائد للتعويض به عن كان المحذوفة، «أنت» ضمير منفصل اسم كان المحذوفة، «ذا» خبر كان المحذوفة، منصوب بالألف نيابة عن الفتحة لأنه من الأسماء الستة، وذا مضاف و «نفر» مضاف إليه، «فإن» الفاء حرف دال على التعليل، إن: حرف توكيد ونصب، «قومي» قوم: اسم إن، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «لم» نافية جازمة، «تأكلهم» تأكل: فعل مضارع مجزوم بلم، وضمير الغائبين العائد إلى قومي مفعول به، «الضبع» فاعل تأكل، والجملة من الفعل والفاعل في محل رفع خبر إن.

الشّاهد فيه: قوله «أما أنت ذا نفر» حيث حذف كان، وعوض عنها ما الزائدة، وأبقى اسمها وهو قوله «أنت» وخبرها وهو قوله «ذا نفر» على ما بيناه في الإعراب وعلى ما هو بين في كلام المؤلف، وليس يخفى عليك أن المحذوف من الجملة كلها هو كان وحدها بعد الذي نبهناك إليه.


(١) في هذا التركيب أربعة أوجه مشهورة:

الوجه الأول: «إن خيرا فخيرا، وإن شرّا فشرّا» بنصب خير وشر في الموضعين جميعا، وتخريجه على أن خيرا الأول خبر لكان المحذوفة مع اسمها، ومثله شرّا الأول، وخيرا الثاني مفعول ثان لفعل محذوف مع مفعوله =