شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تحذف كان وحدها بخمسة شروط

صفحة 215 - الجزء 1

  صحيحا» كان قولك «صحيحا» حالا لا خبرا، وكذلك «عجبت من ما دام زيد صحيحا» لأن ما هذه مصدرية لا ظرفية، والمعني عجبت من دوامه صحيحا.

  ثم قلت: ويجب حذف «كان» وحدها بعد «أمّا» في نحو «أمّا أنت ذا نفر» ويجوز حذفها مع اسمها بعد إن ولو الشّرطيّتين، وحذف نون مضارعها المجزوم إلّا قبل ساكن أو مضمر متّصل.

  وأقول: هذه ثلاث مسائل مهمة تتعلق بكان بالنظر إلى الحذف:

  إحداها: حذفها وجوبا دون اسمها وخبرها، وذلك مشترط بخمسة أمور؛ أحدها: أن تقع صلة لأن، والثاني: أن يدخل على أن حرف التعليل، الثالث: أن تتقدم العلة على المعلول، الرابع: أن يحذف الجار، الخامس: أن يؤتى بما، كقولهم: «أمّا أنت منطلقا انطلقت» وأصل هذا الكلام: انطلقت لأن كنت منطلقا، أي: انطلقت لأجل انطلاقك، ثم دخل هذا الكلام تغيير من وجوه؛ أحدها: تقديم العلة - وهي «لأن كنت منطلقا» - على المعلول - وهي «انطلقت» وفائدة ذلك الدلالة على الاختصاص، والثاني: حذف لام العلة، وفائدة ذلك الاختصار، والثالث: حذف كان، وفائدته أيضا الاختصار، والرابع: انفصال الضمير، وذلك لازم عن حذف كان، والخامس: وجوب زيادة «ما» وذلك لإرادة التعويض، والسادس: إدغام النون في الميم، وذلك لتقارب الحرفين مع سكون الأول وكونهما في كلمتين.

  ومن شواهد هذه المسألة قول العباس بن مرداس ¥:

  ٨٦ - أبا خراشة أمّا أنت ذا نفر ... فإنّ قومي لم تأكلهم الضّبع

  «أبا» منادى بتقدير يا أبا، و «خراشة» بضم الخاء المعجمة، و «أما أنت ذا نفر» أصله: لأن كنت ذا نفر، فعمل فيه ما ذكرناه، والذي يتعلق به اللام محذوف: أي


٨٦ - هذا بيت من البسيط من كلام العباس بن مرداس السلمي، يقوله يخاطب خفاف بن ندبة، وخفاف شاعر أيضا، وندبة اسم أمه، والبيت من شواهد سيبويه (١/ ١٤٨) والأشموني (رقم ٢٩٧) وابن عقيل (رقم ٧٥) والمؤلف في أوضحه (رقم ٩٧) وفي القطر (رقم ٤٧).