شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

أولها «ما» في لغة الحجازيين، ولإعمالها عندهم أربعة شروط

صفحة 222 - الجزء 1

  فأما «ما» فإنها تعمل هذا العمل بأربعة شروط:

  أحدها: أن يكون اسمها مقدّما وخبرها مؤخرا.

  والثاني: أن لا يقترن الاسم بإن الزائدة.

  والثالث: أن لا يقترن الخبر بإلّا.

  والرابع: ألا يليها معمول الخبر وليس ظرفا ولا جارّا ومجرورا.

  فإذا استوفت هذه الشروط الأربعة عملت هذا العمل - سواء أكان اسمها وخبرها نكرتين، أو معرفتين، أو كان الاسم معرفة والخبر نكرة.

  فالمعرفتان كقوله تعالى: {ما هُنَّ أُمَّهاتِهِمْ}⁣[المجادلة - ٢].

  والنكرتان كقوله تعالى: {فَما مِنْكُمْ مِنْ أَحَدٍ عَنْهُ حاجِزِينَ}⁣[الحاقة، ٤٧] ف (أحد) اسمها، و {حاجِزِينَ} خبرها و {مِنْكُمْ} متعلق بمحذوف تقديره أعنى، ويحتمل أن أحدا فاعل {مِنْكُمْ} لاعتماده على النفي، و {حاجِزِينَ} نعت له على لفظه.

  فإن قلت: كيف يوصف الواحد بالجمع؟ وكيف يخبر به عنه؟

  قلت: جوابهما أنه اسم عام، ولهذا جاء {لا نُفَرِّقُ بَيْنَ أَحَدٍ مِنْ رُسُلِهِ}⁣[البقرة: ٢٨٥].

  والمختلفان كقوله تعالى: {ما هذا بَشَراً}⁣[يوسف، ٣١] ولم يقع في القرآن إعمال «ما» صريحا في غير هذه المواضع الثلاثة، على الاحتمال المذكور في الثاني، وإعمالها لغة أهل الحجاز، ولا يجيزونه في نحو قوله:

  ٩٠ - بني غدانة ما إن أنتم ذهب ... ولا صريف ولكن أنتم الخزف


٩٠ - هذا بيت من البسيط، وهو من الشواهد التي لم أقف لها على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده الأشموني (رقم ٢١١) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٠١) وفي القطر (رقم ٥٠).

اللّغة: «غدانة» بضم الغين المعجمة بعدها دال مهملة وبعد الألف نون موحدة - حي من بني يربوع «صريف» هو الفضة «الخزف» الفخار الذي يعمل من الطين ثم يشوى بالنار.

الإعراب: «بني» منادى بحرف نداء محذوف، والأصل يا بني، وبني مضاف «غدانة»