شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تكسر همزة إن في تسع مسائل

صفحة 233 - الجزء 1

  بعدها صلة، واحترزت بقولي «أول الصلة» من نحو: «جاء الّذي عندي أنّه فاضل» فإنّ واجبة الفتح وإن كانت في الصلة، لكنها ليست في أولها⁣(⁣١).

  الثالثة: أن تقع في أول الصفة ك «مررت برجل إنّه فاضل» ولو قلت: «مررت برجل عندي أنّه فاضل» لم تكسر؛ لأنها ليست في ابتداء الصفة.

  الرابعة: أن تقع في أول الجملة الحالية، كقوله تعالى: {كَما أَخْرَجَكَ رَبُّكَ مِنْ بَيْتِكَ بِالْحَقِّ وَإِنَّ فَرِيقاً مِنَ الْمُؤْمِنِينَ لَكارِهُونَ}⁣[الأنفال، ٥]، واحترزت بقيد الأولية من نحو: «أقبل زيد وعندي أنّه ظافر».

  الخامسة: أن تقع في أول الجملة المضاف إليها ما يختص بالجملة - وهو إذ وإذا وحيث - نحو: «جلست حيث إنّ زيدا جالس» وقد أولع الفقهاء وغيرهم بفتح «إن» بعد حيث، وهو لحن فاحش⁣(⁣٢)، فإنها لا تضاف إلا إلى الجملة، و «أن» المفتوحة ومعمولاها في تأويل المفرد، واحترزت بقيد الأولية من نحو: «جلست حيث اعتقاد زيد أنّه مكان حسن».

  ولم أر أحدا من النحويين اشترط الأولية في مسألتي الحال وحيث، ولا بد من ذلك.

  السادسة: أن تقع قبل اللام المعلّقة، نحو: {وَاللهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَاللهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ}⁣[المنافقون، ١]، فاللام من (لرسوله) ومن (لكاذبون)


(١) لو قال: «لكونها ليست في أولها» لكان أدق، فتأمل.

(٢) ليس الأمر كما قال المؤلف، بل هو جائز، وله تخريج حسن؛ أما تخريجه على قول من أجاز أن تضاف حيث إلى المفرد كما في قول الشاعر* ... حيث لي العمائم* فظاهر؛ لأن المصدر المنسبك من أن المفتوحة وما بعدها مفرد مجرور بإضافة حيث إليه؛ وأما الذين أوجبوا إضافة حيث إلى الجملة - وهم الجمهور - والمؤلف تابع لهم فعلى مذهبهم يكون المصدر المنسبك من أن وما بعدها مفردا مرفوعا على أنه مبتدأ، وخبره محذوف، وجملة المبتدأ وخبره في محل جر بإضافة حيث إليها؛ فلو فتحت الهمزة في المثال الذي ذكره المؤلف كان التقدير: جلست حيث جلوس زيد حاصل؛ فجلوس زيد: هو المصدر المنسبك من أن المفتوحة وما بعدها، وحاصل: هو الخبر المحذوف؛ فتكون «إن» بعد حيث مثلها بعد إذا الفجائية.

وخلاصة هذا الكلام: أنا نسلم أن حيث لا تضاف إلا إلى الجملة، لكننا نقرر أن الجملة لا يجب ذكر طرفيها، بل يجوز أن يذكر أحدهما ويحذف الثاني لقرينة تدل عليه.