شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التاسع من المرفوعات: خبر لا النافية للجنس

صفحة 237 - الجزء 1

  {ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ}⁣[الأعراف، ١٢] أي: أن تسجد، بدليل أنه قد جاء في مكان آخر بغير «لا» وقوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ أَلَّا يَقْدِرُونَ عَلى شَيْءٍ مِنْ فَضْلِ اللهِ}⁣[الحديد - ٢٩] وقوله تعالى: {وَحَرامٌ عَلى قَرْيَةٍ أَهْلَكْناها أَنَّهُمْ لا يَرْجِعُونَ}⁣[الأنبياء - ٩٥].

  الثالث: أن تكون نافية، وهي نوعان: داخلة على معرفة فيجب إهمالها وتكرارها نحو «لا زيد في الدار ولا عمرو» وداخلة على نكرة، وهي ضربان: عاملة عمل ليس؛ فترفع الاسم وتنصب الخبر كما تقدم، وهو قليل، وعاملة عمل «إنّ»؛ فتنصب الاسم وترفع الخبر، والكلام الآن فيها، وهي التي أريد بها نفي الجنس على سبيل التنصيص لا على سبيل الاحتمال.

  وشرط إعمالها هذا العمل أمران⁣(⁣١).

  أحدهما: أن يكون اسمها وخبرها نكرتين كما بيّنّا.

  والثاني: أن يكون الاسم مقدما والخبر مؤخرا، وذلك كقولك «لا صاحب علم ممقوت» و «لا طالعا جبلا حاضر».

  فلو دخلت على معرفة أو على خبر مقدّم وجب إعمالها وتكرارها.

  فالأول كما تقدم من قولك «لا زيد في الدار ولا عمرو»، وأما قول [بعض] العرب «لا بصرة [اليوم] لكم» وقول عمر: «قضية ولا أبا حسن لها» يريد علي بن أبي طالب ¥، وقول أبي سفيان يوم فتح مكة «لا قريش بعد اليوم».

  وقول الشاعر:

  ٩٩ - أرى الحاجات عند أبي خبيب ... نكدن ولا أميّة في البلاد


٩٩ - هذا بيت من الوافر، وهذا البيت من كلام عبد الله بن الزبير - بفتح الزاي - الأسدي، يقوله في أبي خبيب عبد الله بن الزبير - بضم الزاي - بن العوام، وكان قد طلب جدواه فلم يمنحه


(١) وبقي من شروط إعمال لا هذا العمل: ألا يدخل عليها حرف جر؛ فإن دخل عليها حرف جر نحو «جئت بلا زاد» ونحو «غضبت من لا شيء» كانت «لا» زائدة بين الجار والمجرور.