شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

التاسع من المرفوعات: خبر لا النافية للجنس

صفحة 240 - الجزء 1

  ١٠١ - فاليوم أشرب غير مستحقب ... إثما من الله ولا واغل

  فليس قوله «أشرب» مجزوما، وإنما هو مرفوع، ولكن حذفت الضمة للضرورة⁣(⁣١) أو على تنزيل «ربغ» بالضم من قوله «أشرب غير» منزلة عضد - بالضم⁣(⁣٢) - فإنهم قد يجرون المنفصل مجرى المتصل، فكما يقال في عضد بالضم: عضد بالسكون، كذلك قيل في «ربغ» بالضم «ربغ» بالإسكان.


١٠١ - هذا بيت من السريع من كلام امرئ القيس بن حجر الكندي.

اللّغة: «مستحقب» أصله الذي يجمع حاجاته في الحقيبة، والمراد غير مكتسب، «واغل» هو الذي يدخل على القوم وهم يشربون من غير أن يدعى إلى مشاركتهم.

الإعراب: «اليوم» ظرف زمان متعلق بأشرب، «أشرب» فعل مضارع مرفوع بالضمة الظاهرة؛ وسكن للتخفيف، على ما ستعرفه، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «غير» حال من فاعل أشرب، وغير مضاف و «مستحقب» مضاف إليه، وفي مستحقب ضمير مستتر هو فاعله لأنه اسم فاعل، «إثما» مفعول به لمستحقب، «من الله» جار ومجرور متعلق بمحذوف صفة لإثم، «ولا» الواو عاطفة، لا: زائدة لتأكيد النفي، «واغل» معطوف على مستحقب.

الشّاهد فيه: قوله «أشرب» فإنه فعل مضارع لم يتقدمه جازم، وهو مع ذلك ساكن الآخر، وللعلماء في تخريج هذا الإسكان وجهان؛ الأول: أنه ضرورة دعا إليها النظم، الثاني: أنه لما توالى في الكلمة مع ما بعدها ثلاث حركات: أولاها فتحة وهي حركة الراء، وثانيتها ضمة وهي حركة الباء، وثالثتها فتحة وهي حركة الغين، لما توالت هذه الحركات الثلاث أشبهت عضدا في وجود فتحة تتبعها ضمة، والعرب تجوز تسكين ضاد عضد ونحوه، فلما أشبهت هذه الأحرف الثلاثة


(١) اختلف النحاة في حذف حركة الإعراب للتخفيف وإسكان آخر الكلمة، ولهم في ذلك ثلاثة أقوال، الأول - وهو قول ابن مالك - أن ذلك جائز مطلقا، فعنى سواء أكان في الشعر أم كان في النثر، وذكر أن أبا عمرو حكى ذلك عن بني تميم، وخرجوا على ذلك قراءة من قرأ {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُكُمْ} بسكون الراء، وقراءة من قرأ {فَتُوبُوا إِلى بارِئِكُمْ} بسكون الهمزة، ولقول الثاني - وهو قول أبي العباس المبرد - لا يجوز ذلك مطلقا، لا في الشعر ولا في النثر، والقول الثالث - وهو قول جمهور النحاة - أن ذلك لا يجوز في سعة الكلام، ولكن إذا اضطر شاعر إلى ذلك فأتى به في شعره احتمل منه، والصحيح قول المبرد.

(٢) كل كلمة على ثلاثة أحرف، وكان ثانيها مضموما أو مكسورا، سواء أكانت الكلمة اسما أم كانت فعلا، جاز لك أن تسكن ثانيها المضموم أو المكسور، ومثال المضموم ثانيها من الأسماء عضد وعنق، ومن الأفعال كرم، ومثال المكسور ثانيها من الأسماء كتف وفخذ وإبل، ومن الأفعال علم ووسع.