الثالث: المفعول له
  ١٠٩ - فجئت وقد نضت لنوم ثيابها ... لدى السّتر إلّا لبسة المتفضّل
  فإنّ زمن النوم متأخر عن زمن خلع الثوب.
  ومثال ما فقد الاتحاد في الفاعل قولك: قمت لأمرك إيّاي، وقول الشاعر:
  ١١٠ - وإنّي لتعروني لذكراك هزّة ... كما انتفض العصفور بلّله القطر
باب المفعول لأجله المصطلح عليه، لأن شرط ما يسمى مفعولا لأجله أن يكون مصدرا، والذي معنا ليس بمصدر، بل هو أفعل تفضيل.
ويأتي النحاة بهذا البيت في باب التنازع لتقرير أنه - وإن تقدم فيه فعلان وهما كفاني ولم أطلب، وتأخر عنهما معمول هو قليل من المال - لا يجوز أن يكون من باب التنازع؛ لأنه لا يصح تسلط كل واحد من الفعلين على المعمول المتأخر، محافظة على المعنى المراد، ولهذا قدروا لأطلب معمولا يرشد إليه المعنى، وهو ما قدرناه في آخر إعراب البيت؛ فتنبه لما قلت.
١٠٩ - هذا بيت من الطويل من كلام امرئ القيس بن حجر الكندي، صاحب الشاهد السابق، وقد أنشد المؤلف هذا البيت في أوضح المسالك (رقم ٢٥٢) وكذلك في القطر (رقم ١٠١).
اللّغة: «نضت» - بالنون بعدها ضاد معجمة مخففة فيكون الفعل نضا ينضو مثل دعا يدعو، أو مشددة فيكون الفعل نض ينض مثل شد يشد - ومعناه خلعت، «لدى» أي: عند، «لبسة المتفضل» يريد غلالة رقيقة هي التي يبقيها من يتبذل ويستعد للنوم.
الإعراب: «جئت» فعل وفاعل، «وقد» الواو للحال، قد: حرف تحقيق، «نضت» نض: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، والفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، والجملة في محل نصب حال، «لنوم» جار ومجرور متعلق بنض، «ثيابها» ثياب: مفعول به لنض، وثياب مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه، «لدى» ظرف مكان منصوب بفتحة مقدرة على الألف، والعامل فيه نض، ولدى مضاف، و «الستر» مضاف إليه، «إلا» أداة استثناء، «لبسة» منصوب على الاستثناء من ثيابها، ولبسة مضاف و «المتفضل» مضاف إليه.
الشّاهد فيه: قوله «لنوم»؛ فإن النوم علة لخلع الثياب، وفاعل النوم والنض الذي هو الخلع شخص واحد، والنوم مصدر، ولكن زمان النوم غير زمان الخلع؛ لأنها تخلع قبل أن تنام، فلما لم يتحد زمان العامل الذي هو نضت، وزمان المصدر الذي هو النوم - وجب أن يجره بحرف التعليل، ولم يجز له أن ينصبه على أنه مفعول لأجله، وقد فعل الشاعر ذلك.
١١٠ - هذا بيت من الطويل من كلام أبي صخر الهذلي، من قصيدته التي منها بيت الشاهد (رقم ٦١) السابق ذكره في باب البناء عند الكلام على الظرف المبني، وقد أنشده المؤلف في أوضح