الرابع: المفعول فيه
  فيا لقصيّ ما زوى الله عنكم ... به من فعال لا تجازى وسؤدد
  وكان حقه أن يقول «قالا في خيمتي أمّ معبد» أي قيّلا فيها(١)، ويروى حلّا بدل قالا، والتقدير [أيضا] حلّا في خيمتي، ولكنه اضطر فأسقط «في» وأوصل الفعل بنفسه، وكذا عملوا في قولهم «دخلت الدّار، والمسجد» ونحو ذلك، إلا أن التوسع مع «دخلت» مطّرد؛ لكثرة استعمالهم إياه.
ليهن بني كعب مكان فتاتهم ... ومقعدها للمؤمنين بمرصد
سلوا أختكم عن شائها وإنائها ... فإنّكم إن تسألوا الشّاة تشهد
اللّغة: «رفيقين» تثنية رفيق، وهو الذي يرافقك في عمل ما، وأراد بهما رسول الله ÷ ورفيقه في الهجرة من مكة إلى المدينة أبا بكر الصديق ¥، «قالا» أراد نزلا في وقت القيلولة، وهي حين يشتد الحر، «أم معبد» امرأة من بني كعب اسمها عاتكة بنت خالد الخزاعية، «بالبر» يروى بفتح الباء وكسرها، فإن كسرتها فمعناه الإحسان والباء للمصاحبة، وإن فتحت الباء جاز أن يكون البر بمعنى الإحسان أيضا كما يجوز أن يكون البر الذي هو مقابل البحر، «ترحلا» أراد ظعنا وفارقا هذا المكان، وتقول: ترحل القوم وارتحلوا، «يا لقصي» أراد آل قصي بن مرة، وهو أحد أجداده صلوات الله وسلامه عليه، «ما زوى الله عنكم» يريد أي شيء صرفه عنكم من المجد والرفعة بسبب خلافكم عليه وإلجائكم إياه إلى الهجرة والخروج من بلدكم، «سؤدد» بضم السين وسكون الواو مهموزة أو غير مهموزة وضم الدال المهملة بعدها أو فتحها؛ فهذه أربع لغات، والسؤدد: خصال الرفعة والمجد والكرم.
الإعراب: «جزى الله» فعل وفاعل، «رب» صفة للفظ الجلالة، وجعله قوم بدل كل من كل من لفظ الجلالة، وهو عندنا بعيد؛ لأن الرب ههنا مشتق بمعنى المربي، ورب مضاف و «الناس» مضاف إليه، «خير» مفعول به ثان لجزى، وخير مضاف وجزاء من «جزائه» مضاف إليه، وجزاء مضاف والضمير العائد إلى الله مضاف إليه، «رفيقين» مفعول أول لجزى، «قالا» قال: فعل ماض، وألف الاثنين فاعله، والجملة في محل نصب صفة لرفيقين، «خيمتي» منصوب على الظرفية المكانية، وعلامة نصبه الياء نيابة عن الفتحة لأنه مثنى، وهو مضاف و «أم» مضاف إليه، وأم مضاف و «معبد» مضاف إليه، «هما» ضمير منفصل مبتدأ، «نزلا» فعل وفاعل، والجملة في محل رفع خبر المبتدأ، «بالبر» جار ومجرور متعلق بنزل، «ثم» حرف عطف، «ترحلا» فعل وفاعل، وجملتهما في محل رفع معطوفة على جملة
(١) أي: نزلا فيها وقت القيلولة، وهي: وقت اشتداد الحر عند منتصف النهار.