الخامس: المفعول معه
  يكون واقعا بعد الواو الدالة على المصاحبة، والثالث: أن تكون تلك الواو مسبوقة بفعل، أو ما فيه معنى الفعل وحروفه.
  وذلك كقولك: «سرت والنّيل» و «استوى الماء والخشبة» و «جاء البرد والطّيالسة» وكقول الله تعالى: {فَأَجْمِعُوا أَمْرَكُمْ وَشُرَكاءَكُمْ}[يونس، ٧١] أي: فأجمعوا أمركم مع شركائكم، ف {شُرَكاءَكُمْ} مفعول معه؛ لاستيفائه الشروط الثلاثة.
  ولا يجوز على ظاهر اللفظ أن يكون معطوفا على {أَمْرَكُمْ} لأنه حينئذ شريك له في معناه؛ فيكون التقدير: أجمعوا أمركم وأجمعوا شركاءكم، وذلك لا يجوز؛ لأن أجمع إنما يتعلق بالمعاني دون الذوات، تقول: أجمعت رأيي، ولا تقول: أجمعت شركائي، وإنما قلت «على ظاهر اللفظ» لأنه يجوز أن يكون معطوفا على حذف مضاف: أي وأمر شركائكم، ويجوز أن يكون مفعولا لفعل ثلاثي محذوف، أي: واجمعوا شركاءكم، بوصل الألف، ومن قرأ {فَأَجْمِعُوا} بوصل الألف صحّ العطف على قراءته من غير إضمار؛ لأنه من «جمع» وهو مشترك بين المعاني والذوات، تقول: جمعت أمري، وجمعت شركائي، قال الله تعالى: {فَجَمَعَ كَيْدَهُ ثُمَّ أَتى}[طه - ٦٠] {الَّذِي جَمَعَ مالاً وَعَدَّدَهُ}[الهمزة، ٢]، ويجوز على هذه القراءة أن يكون مفعولا معه، ولكن إذا أمكن العطف فهو أولى لأنه الأصل.
  وليس من المفعول معه قول أبي الأسود الدؤلي(١):
الشّاهد فيه: قوله «قالا خيمتي أم معبد» فإنه نصب «خيمتي» على معنى في: أي قالا في خيمتي أم معبد، أي قضيا وقت القيلولة في خيمتي أم معبد، ونصب مثل ذلك على الظرفية ضرورة وقعت في شعر بعض من يحتج بكلامهم، ولا يجوز أن يقاس عليها، وصحته أن يجر بفي مذكورة.
١١٤ - هذه أربعة أبيات من الكامل، وهي من كلام أبي الأسود الدؤلي، وقد أنشد البيت الرابع
(١) وذلك لأن الاسم الواقع بعد واو المعية في قوله «وتأتي مثله» اسم مؤول من أن المصدرية والفعل المضارع، إذ التقدير: لا تنه عن خلق وأن تأتي مثله، أي لا تنه عن خلق وإتيانك مثله، أي مع إتيانك مثله، وقد علمت أن الاسم المؤول لا يسمى عند الجمهور مفعولا معه.