الخامس: المفعول معه
  ١١٥ - علفتها تبنا وماء باردا ... حتّى غدت همّالة عيناها
  وقول الآخر:
١١٥ - هذا بيت من الرجز، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٢٥٨) وأنشد صدره ابن عقيل (رقم ١٦٥) والأشموني (رقم ٤٤١) ويروى صدره عجزا في بيت آخر من الرجز المصرع هكذا:
لمّا حططت الرّحل عنها واردا ... علفتها تبنا وماء باردا
اللّغة: «علفتها» تقول: علفت الدابة - من باب ضرب - وأعلفتها بالهمزة، إذا أطعمتها، «تبنا» هو بكسر التاء المثناة وسكون الباء الموحدة - قصب الزرع بعد أن يجف ثم يداس، «همالة» صيغة مبالغة من قولهم: هملت عين فلان، إذا أرسلت دمعها إرسالا.
الإعراب: «علفتها» فعل وفاعل ومفعول أول، «تبنا» مفعول ثان، «وماء» الواو عاطفة عطفت جملة على جملة: ماء: مفعول به لفعل محذوف، تقديره: وسقيتها ماء، وهذه الجملة معطوفة بالواو على الجملة السابقة، وستعرف كلاما آخر في ذلك، «باردا» صفة لماء، «حتى» حرف غاية وجر، «غدت» غدا: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، «همالة» حال من فاعل غدت «عيناها» عينا: فاعل غدت، مرفوع بالألف نيابة عن الضمة لأنه مثنى، وعينا مضاف وضمير الغائبة مضاف إليه، وغدت مع ما بعده في تأويل مصدر مسبوك بأن محذوفة، وهذا المصدر مجرور بحتى، والجار والمجرور متعلق بعلف، وتقدير الكلام: علفتها تبنا وسقيتها ماء إلى غدوها همالة عيناها.
الشّاهد فيه: قوله «وماء»؛ فإنه لا يمكن عطفه على ما قبله؛ لكون العامل في المعطوف عليه لا يصح تسليطه على المعطوف مع بقاء معنى هذا العامل على حاله.
وللعلماء ثلاثة آراء في تخريج هذا البيت ونحوه:
أحدها: أن قوله «وماء» لا يجوز أن يكون مفعولا معه كما لا يجوز أن يكون معطوفا على ما قبله عطف مفرد على مفرد، بل هو مفعول لفعل محذوف يناسبه، وهذا الوجه هو الذي ذكره المؤلف ههنا، وهو الذي أعربنا البيت على مقتضاه، وهو قول الفارسي والفراء وجماعة، وإنما لم يجز عند هؤلاء جعله مفعولا معه لأن الواو التي قبله ليست بمعنى مع، وستعرف في بيان الوجه الثاني سر عدم صلاحيتها للدلالة على معنى مع.
الوجه الثاني: أنه مفعول معه: لأنه إذا لم يصح العطف في الاسم الذي بعد الواو لمانع لفظي أو معنوي انتصب على أنه مفعول معه، وقد ذكر هذا الوجه ابن عقيل.
فأما المؤلف في أوضحه فقد أنكر ذلك، ووجه الإنكار أن كونه مفعولا معه يقتضي أن تكون الواو