شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

السادس: المنصوب بالصفة المشبهة

صفحة 269 - الجزء 1

  وأباك فقبيح؛ لأنك لم تذكر فعلا ولا ما في معناه» وقالوا: مراده بالقبيح الممتنع.

  ثم قلت: السّادس المشبّه بالمفعول به، نحو «زيد حسن وجهه» وسيأتي.

  وأقول: السادس من المنصوبات: المشبّه بالمفعول به، وهو المنصوب بالصفة المشبهة باسم الفاعل المتعدّى إلى واحد، وذلك في نحو قولك «زيد حسن وجهه» بنصب الوجه، والأصل «زيد حسن وجهه» بالرفع؛ فزيد: مبتدأ، وحسن: خبر، ووجهه: فاعل بحسن، لأن الصفة تعمل عمل الفعل، وأنت لو صرّحت بالفعل فقلت: حسن - بضم السين وفتح النون - لوجب رفع الوجه بالفاعليّة؛ فكذلك حقّ الصفة أن يجب معها الرفع، ولكنهم قصدوا المبالغة مع الصفة، فحوّلوا الإسناد عن الوجه إلى ضمير مستتر في الصفة راجع إلى زيد؛ ليقتضي ذلك أن الحسن قد عمّه بجملته، فقيل «زيد حسن» أي هو، ثم نصب وجهه وليس ذلك على المفعولية؛ لأن الصفة [إنما] تتعدّى تبعا لتعدّى فعلها، وحسن الذي هو الفعل لا يتعدّى، فكذلك صفته التي هي فرعه، ولا على التمييز؛ لأنه معرفة بالإضافة إلى الضمير، ومذهب البصريين - وهو الحق - أن التمييز لا يكون معرفة، وإذا بطل هذان الوجهان تعيّن ما قلنا من أنه مشبّه بالمفعول به، وذلك أنه شبّه حسن بضارب - في أن كلا منهما صفة تثنى وتجمع [وتذكر] وتؤنث، وهي طالبة لما بعدها بعد استيفائها فاعلها - فنصب الوجه على التشبيه بعمرو في قولك: «زيد ضارب عمرا» فحسن مشبه بضارب ووجهه مشبه بعمرا، وسيأتي الكلام على هذا الباب بأبسط من هذا إن شاء الله في موضعه.

  ثم قلت: السّابع الحال، وهو: وصف فضلة مسوق لبيان هيئة صاحبه أو تأكيده، أو تأكيد عامله، أو مضمون الجملة قبله، نحو: {فَخَرَجَ مِنْها خائِفاً} و {لَآمَنَ مَنْ فِي الْأَرْضِ كُلُّهُمْ جَمِيعاً} و {فَتَبَسَّمَ ضاحِكاً} و {وَأَرْسَلْناكَ لِلنَّاسِ رَسُولاً.}

  و* أنا ابن دارة معروفا بها نسبي*

  ويأتي من الفاعل، ومن المفعول، ومنهما، مطلقا، ومن المضاف إليه: إن كان المضاف بعضه نحو {لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً} أو كبعضه نحو {مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً} أو عاملا فيها، نحو {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً.}