استطراد في ذكر بقية أنواع المستثنى
  السبعة على النصب في قوله تعالى: {ما لَهُمْ بِهِ مِنْ عِلْمٍ إِلَّا اتِّباعَ الظَّنِ}[النساء، ١٥٧]، وقوله تعالى: {وَما لِأَحَدٍ عِنْدَهُ مِنْ نِعْمَةٍ تُجْزى ١٩ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ رَبِّهِ الْأَعْلى}[الليل، ١٩ - ٢٠] ولو أبدل مما قبله لقرئ برفع {إِلَّا اتِّباعَ} و {إِلَّا ابْتِغاءَ}؛ لأن كلا منهما في موضع رفع: إما على أنه فاعل بالجار والمجرور المعتمد على النفي، وإما على أنه مبتدأ تقدم خبره عليه، والتميميون يجيزون الإبدال، ويختارون النصب، قال الشاعر:
  ١٢٥ - وبلدة ليس بها أنيس ... إلّا اليعافير وإلّا العيس
  فأبدل اليعافير والعيس من أنيس، وليس من جنسه.
على البدلية هو مذهب البصريين، وهو الحق، ولهذا لم يذكر الشارح غيره، وقد ذهب الكوفيون إلى أنه معطوف على المستثنى منه، وإلا عندهم في بعض المواضع قد تكون حرف عطف.
١٢٥ - هذا البيت من أرجوزة لعامر بن الحارث المعروف بجران العود، وهكذا يرويه النحاة من سيبويه إلى اليوم، ولكن الرواية في ديوانه هكذا:
قد ندع المنزل يا لميس ... يعتسّ فيه السّبع الجروس
الذّئب أو ذو لبد هموس ... بسابسا، ليس به أنيس
إلّا اليعافير وإلّا العيس ... وبقر ملمّع كنوس
والبيت الشاهد من أبيات سيبويه (ج ١ ص ١٢٣ و ٣٦٥) وقد رواه المؤلف في أوضحه (رقم ٢٦١).
اللّغة: «لميس» اسم امرأة، «يعتسّ» يطلب ما يأكل فيذهب ويجيء بغية الوصول لغرضه، ومنه العسس - بفتح العين والسين المهملتين - وهم حراس الليل، سموا بذلك لكثرة ما يذهبون ويجيئون، «الجروس» - بفتح الجيم - المصوت، «ذو لبد» يعني به الأسد ولبده: شعره الذي بين كتفيه «هموس» خفيف الوطء، «بسابسا» جمع بسبس، وهو القفر، «اليعافير» جمع يعفور - بفتح الياء أو ضمها - وهو الظبي الأعفر: أي الذي لونه لون العفر وهو التراب، «العيس» الإبل، «ملمع» فيها لمع بياض وسواد، «كنوس» أي: داخلة في كنسها، والكنس - بضمتين - جمع كناس، مثل كتاب وكتب، وهو بيت الظبي في الشجر.
الإعراب: «وبلدة» الواو واو رب، بلدة: مبتدأ مرفوع بضمة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الزائد، «ليس» فعل ماض ناقص، «بها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر ليس تقدم على اسمه، «أنيس» اسم ليس، والجملة من ليس واسمه وخبره