وأما كأن فالغالب إعمالها
  وإن كان الحرف «كأن» فيغلب لها ما وجب لأن، لكن يجوز ثبوت اسمها وإفراد خبرها، وقد روى قوله:
  ١٤٠ - ويوما توافينا بوجه مقسّم ... كأن ظبية تعطو إلى وارق السّلم
  بنصب الظبية على أنه اسم كأن؛ والجملة بعدها صفة لها، والخبر محذوف، والتقدير: كأن ظبية عاطية هذه المرأة، على التشبيه المعكوس، وهو أبلغ، وبرفع الظبية على أنها الخبر، والجملة بعدها صفة، والاسم محذوف، والتقدير: كأنها ظبية، وبجر الظبية على زيادة «أن» بين الكاف ومجرورها، والتقدير: كظبية.
ولقد علمت فلا تظنّي غيره ... أن سوف يظلمني سبيل صحابي
١٤٠ - هذا بيت من الطويل من كلام باغت بن صريم - بغين معجمة وتاء مثناة - ونسبه جماعة لكعب بن أرقم بن علباء اليشكري، والبيت من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٢٨١) والأشموني (٢٨٧) والمؤلف في أوضحه (رقم ١٥١) وفي القطر (رقم ٥٩) والمبرد في الكامل (ج ١ ص ٥٠)
اللّغة: «توافينا» تجيئنا، «بوجه مقسم» أراد بوجه جميل حسن، مأخوذ من القسام - بفتح كل من القاف والسين - وهو الجمال، «تعطو» تمد عنقها، «وارق السلم» شجر السلم المورق، فإضافة وارق إلى السلم من إضافة الصفة إلى الموصوف.
الإعراب: «يوما» منصوب على الظرفية بتوافي التالي، «توافينا» توافي: فعل مضارع، مرفوع بضمة مقدرة على الياء منع من ظهورها الثقل، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي، ونا: مفعول به، «بوجه» جار ومجرور متعلق بتوافي «مقسم» نعت لوجه، «كأن» حرف تشبيه ونصب، «ظبية» اسم كأن منصوب بالفتحة الظاهرة، «تعطو» فعل مضارع، وفاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى ظبية، والجملة في محل نصب صفة لظبية وخبر كأن محذوف، ولك في تقديره طريقان ذكرهما المؤلف، «إلى وارق» جار ومجرور متعلق بتعطو، ووارق مضاف و «السلم» مضاف إليه، وسكنه لأجل الوقف، وهذا كله على رواية من روى البيت بنصب ظبية، وفيه رواية بالرفع وأخرى بالجر، وذكر المؤلف إعرابهما، وسنشير إليهما في بيان الاستشهاد بالبيت.
الشّاهد فيه: قوله «كأن ظبية تعطو - إلخ» حيث روي على ثلاثة أوجه اثنان منها يستدل بهما في هذا الباب؛ الوجه الأول: نصب ظبية على أنه اسم كأن والخبر محذوف، الوجه الثاني: رفع ظبية على أنه خبر كأن واسمها محذوف، والتقدير: كأنها ظبية، فدلت الروايتان معا على أنه إذا خفف كأن جاز ذكر اسمه وجاز حذفه، إلا أن الحذف أكثر من الذكر، الوجه الثالث: جر ظبية بالكاف على جعل أن زائدة بين الجار والمجرور.