شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثاني: اللام، وهي على أربعة أقسام

صفحة 317 - الجزء 1

  قلت: هو كما ذكرت، ولكنه لم يجعل علة لها، وإنما جعل علة لاجتماع الأمور الأربعة للنبي ÷ - وهي المغفرة، وإتمام النعمة، والهداية إلى الصراط المستقيم، وحصول النصر العزيز - ولا شك [في] أن اجتماعها له حصل حين فتح الله تعالى مكة عليه.

  وإنما مثّلت بهذه الآية لأنها قد يخفي التعليل فيها على من لم يتأملها.

  الثانية: لام العاقبة؛ وتسمى أيضا لام الصّيرورة، ولام المآل، وهي التي يكون ما بعدها نقيضا لمقتضى ما قبلها، نحو: {فَالْتَقَطَهُ آلُ فِرْعَوْنَ لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَحَزَناً}⁣[القصص، ٨] فإن التقاطهم له إنما كان لرأفتهم عليه، ولما ألقى الله تعالى عليه من المحبة فلا يراه أحد إلا أحبّه؛ فقصدوا أن يصيّروه قرّة عين لهم، فآل بهم الأمر إلى أن صار عدوّا لهم وحزنا.

  الثالثة: اللام الزائدة، وهي: الآتية بعد فعل متعدّ، نحو: {يُرِيدُ اللهُ لِيُبَيِّنَ لَكُمْ}⁣[النساء - ٢٦] {إِنَّما يُرِيدُ اللهُ لِيُذْهِبَ عَنْكُمُ الرِّجْسَ}⁣[الأحزاب - ٣٣] {وَأُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ}⁣[الأنعام، ٧١] فهذه الأقسام الثلاثة يجوز لك إظهار «أن» بعدهن، قال الله تعالى: {وَأُمِرْتُ لِأَنْ أَكُونَ}⁣[الزمر - ١٢].

  الرابعة: لام الجحود، وهي الآتية بعد كون ماض منفيّ، كقول الله تعالى: {ما كانَ اللهُ لِيَذَرَ الْمُؤْمِنِينَ عَلى ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ}⁣[آل عمران - ١٧٩] {وَما كانَ اللهُ لِيُطْلِعَكُمْ عَلَى الْغَيْبِ}⁣[آل عمران - ١٧٩] وهذه يجب إضمار «أن» بعدها⁣(⁣١).


(١) من هذا الكلام وما سيذكره الشارح في مباحث حروف العطف التي تضمر أن بعدها يتبين لك أن إضمار أن على ثلاثة أقسام:

الأول: إضمار واجب - على معنى أنه لا يجوز لك أن تأتي بأن في الكلام - وذلك مع حتى، وكي التعليلية، وواو المعية، وفاء السببية.

الثاني: إضمار ممتنع - وذلك على معنى أنه يجب عليك أن تأتي بأن في الكلام - وذلك فيما إذا سبقتها لام التعليل وأتت بعدها لا النافية نحو قوله تعالى: {لِئَلَّا يَعْلَمَ أَهْلُ الْكِتابِ} فإن «أن» ههنا موجودة في اللفظ إلا أن نونها مدغمة في لام «لا» النافية.

الثالث: إضمار جائز - على معنى أنه يجوز لك أن تأتي بأن في الكلام ويجوز لك ألا تأتي بها - وذلك بعد لام التعليل إذا لم تقع بعدها لا النافية، نحو ذاكر لتنجح، ويجوز لأن تنجح، وبعد الحروف العاطفة على اسم خالص (وانظر ص ٣١٨ الآتية).