شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: كي التعليلية

صفحة 319 - الجزء 1

  ١٤٧ - وكنت إذا غمزت قناة قوم ... كسرت كعوبها أو تستقيما


مضارع منصوب بأن المضمرة وجوبا بعد أو، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، «المنى» مفعول به لأدرك، «فما» الفاء حرف عطف، ما: نافية، «انقادت» انقاد: فعل ماض، والتاء علامة التأنيث، «الآمال» فاعل انقاد، «إلا» أداة حصر لا محل لها من الإعراب، «لصابر» جار ومجرور متعلق بانقاد.

الشّاهد فيه: قوله «أو أدرك» حيث نصب الفعل المضارع - الذي هو أدرك - بعد «أو» وقد ذكر جماعة من العلماء أن «أو» في هذا البيت بمعنى إلى، كما ذكره المؤلف في هذا الكتاب وفي القطر، وذكر بعضهم أن «أو» بمعنى حتى، ومنهم المؤلف في أوضحه، وابن عقيل، والأشموني، ولا خلاف بين هذين الكلامين، وإنما هو من باب اختلاف العبارة والمعنى واحد؛ فإن إلى وحتى جميعا معناهما الغاية، وذكر السيوطي أن «أو» في هذا البيت بمعنى إلا، وهذا مخالف لذلك كله، فوق أنه بعيد.

واعلم أن ضابط أو التي بمعنى إلى أن يكون انقضاء ما بعدها يحصل على التدريج شيئا فشيئا، وضابط أو التي بمعنى إلا أن يكون ما بعدها ينقضي دفعة واحدة.

واعلم أيضا أن عذر السيوطي فيما ذكره أن سيبويه لم يذكر أن «أو» ترد بمعنى إلى، وإنما ذكر أنها تأتي بمعنى إلا وتبعه على ذلك جماعة من المحققين منهم رضي الدين في شرح الكافية.

واعلم أن لأو التي ينتصب المضارع بعدها بأن مضمرة وجوبا ثلاثة معان: الأول الغاية، وهو الذي يعبر عنه بأن تكون بمعنى إلى، والثاني الاستثناء وهو الذي يعبر عنه بأن تكون بمعنى إلا، والثالث التعليل بمنزلة كي، نحو قولك: لأعبدن الله أو يعافيني، ألا ترى أن المعنى لكي يعافيني، وأنه لا يصح أن تكون أو في هذا المثال للغاية أو الاستثناء، لأن كلّا من هذين المعنيين يفيد أنك تقطع العبادة إذا حصلت المعافاة؟

١٤٧ - هذا بيت من الوافر، وهو لزياد الأعجم، وقد استشهد به سيبويه (ج ١ ص ٤٢٨) والمؤلف في أوضحه (رقم ٤٩٨) وفي القطر (رقم ١٧) وفي المغني (في مباحث أو رقم ٩٨) وابن عقيل (رقم ١٣٩).

اللّغة: «غمزت» الغمز: جس باليد يشبه النخس، «قناة» أراد الرمح، «كعوبها» الكعوب: جمع كعب، وهو طرف الأنبوبة الناشز، «تستقيما» تعتدل.

المعنى: قال الشمني: اختلف في معنى البيت؛ فقيل: المعنى أن من لم تصلح له الملاينة توليناه بالمخاشنة إلا أن يستقيم، وقيل: المعنى إذا هجوت قوما أبيدهم بالهجاء إلا أن يتركوا هجائي، وقيل: المعنى إذا اشتد عليّ جانب قوم رأيت تليينهم حتى يستقيموا؛ إذ لو تعمدت الكسر لم