المجرورات ثلاثة: الأول المجرور بالحرف
  البقر حينئذ الماء، ولا تمتنع منه؛ فرارا من الضرب أن يصيبها، وإنما امتنعوا من ضربها لضعفها عن حمله، بخلاف الثور.
  وقولي «اسم صريح» احتراز من نحو «ما تأتينا فتحدثنا» فإن العطف فيه وإن كان على اسم متقدم، فإنا قد قدّمنا أن التقدير ما يكون منك إتيان فحديث، لكن ذلك الاسم ليس بصريح؛ فإضمار أن هناك واجب لا جائز، بخلاف مسألتنا هذه؛ فإن إضمار أن جائز، بل نصّ ابن مالك في شرح العمدة على أن الإظهار أحسن من الإضمار.
  ثم قلت: باب - المجرورات ثلاثة؛ أحدها: المجرور بالحرف، وهو: من، وإلى، وعن، وعلى، والباء، واللّام، وفي - مطلقا، والكاف، وحتّى: والواو - للظاهر مطلقا، والتّاء لله وربّ مضافا للكعبة أو الياء، وكي لما الاستفهاميّة أو أن المضمرة وصلتها، ومذ ومنذ لزمن غير مستقبل ولا مبهم، وربّ لضمير غيبة مفرد مذكّر يميّز بمطابق للمعنى قليلا، ولمنكّر موصوف كثيرا.
  وأقول: لما أنهيت القول في المرفوعات والمنصوبات شرعت في المجرورات، وقسّمتها إلى ثلاثة أقسام: مجرور بالحرف، ومجرور بالإضافة، ومجرور بمجاورة مجرور، وبدأت بالمجرور بالحرف لأنه الأصل.
  وإنما لم أذكر المجرور بالتّبعيّة كما فعل جماعة لأن التّبعية ليست عندنا هي العاملة، وإنما العامل عامل المتبوع، وذلك في غير البدل، وعامل محذوف في باب البدل، فرجع الجرّ في باب التوابع إلى الجر بالحرف والجر بالإضافة.
بعد ثم، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنا، وضمير الغائب العائد إلى سليك مفعول به، «كالثور» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر إن، «يضرب» فعل مضارع مبني للمجهول، ونائب فاعله ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هو يعود إلى الثور، والجملة في محل نصب حال من الثور، «لما» ظرف بمعنى حين مبني على السكون في محل نصب وعامله يضرب، «عافت» عاف: فعل ماض، والتاء للتأنيث، «البقر» فاعل عاف، والجملة من الفعل والفاعل في محل جر بإضافة لما الحينية إليها.
الشّاهد فيه: قوله «ثم أعقله» حيث نصب الفعل المضارع، الذي هو قوله «أعقل» بأن المضمرة جوازا بعد ثم، المسبوق باسم خالص من التقدير بالفعل، وهو قوله «قتل» الذي هو مصدر.