شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الحروف الجارة على ستة أقسام

صفحة 336 - الجزء 1

  وقسمت الحروف الجارة إلى ستة أقسام:

  أحدها: ما يجرّ الظاهر والمضمر، وبدأت به لأنه الأصل، وهو سبعة أحرف: من، وإلى، وعن، وعلى، والباء، والّلام، وفي، ومن أمثلة ذلك قوله تعالى: {وَمِنْكَ وَمِنْ نُوحٍ}⁣[الأحزاب - ٧] {إِلَى اللهِ مَرْجِعُكُمْ}⁣[المائدة، ٤٨ و ١٠٥] {إِلَيْهِ مَرْجِعُكُمْ}⁣[الأنعام - ٦٠] {طَبَقاً عَنْ طَبَقٍ}⁣[الانشقاق - ١٩] {رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَرَضُوا عَنْهُ}⁣[المائدة - ١١٩] {وَعَلَيْها وَعَلَى الْفُلْكِ تُحْمَلُونَ}⁣[المؤمنون - ٢٢] {آمِنُوا بِاللهِ وَرَسُولِهِ}⁣[النساء - ١٣٦] {آمِنُوا بِهِ}⁣[الإسراء - ١٠٧] {لِلَّهِ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة - ٢٨٤] {لَهُ ما فِي السَّماواتِ وَما فِي الْأَرْضِ}⁣[البقرة - ٢٥٥] {كُلٌّ لَهُ قانِتُونَ}⁣[البقرة - ١١٦] {وَفِي الْأَرْضِ آياتٌ لِلْمُوقِنِينَ}⁣[الذاريات - ٢٠] {وَفِيها ما تَشْتَهِيهِ الْأَنْفُسُ}⁣(⁣١).

  والثاني: ما لا يجرّ إلا الظاهر، ولا يختص بظاهر معين، وهو ثلاثة: الكاف، وحتى، والواو.

  والثالث: ما يجرّ لفظتين بعينهما، وهو التاء؛ فإنها لا تجر إلا اسم الله ø وربّا مضافا إلى الكعبة أو إلى الياء، قال الله تعالى: {قالُوا تَاللهِ تَفْتَؤُا تَذْكُرُ}⁣[يوسف - ٨٥] {تَاللهِ لَقَدْ آثَرَكَ اللهُ عَلَيْنا}⁣[يوسف - ٩٣] {وَتَاللهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ}⁣[الأنبياء - ٥٧] وقالت العرب «تربّ الكعبة» و «تربّي لأفعلنّ».

  الرابع: ما يجر فردا خاصا من الظواهر، ونوعا خاصا منها، وهي كي؛ فإنها لا تجر إلا أمرين؛ أحدهما «ما» الاستفهامية، وهي الفرد الخاصّ، يقال لك «جئتك أمس» فتقول في السؤال عن علة المجيء: «لمه؟» أو «كيمه؟» فكما أن «لمه» جار ومجرور كذلك «كيمه» والأصل لما وكيما، ولكن «ما» الاستفهامية متى دخل عليها حرف الجر حذفت ألفها وجوبا كما قال الله تعالى: {فِيمَ أَنْتَ مِنْ ذِكْراها}⁣[النازعات - ٤٣] {عَمَّ يَتَساءَلُونَ}⁣[النبأ - ١] {بِمَ يَرْجِعُ الْمُرْسَلُونَ}⁣[النمل، ٣٥] وحسن في الوقف أن تردف بهاء السكت، كما قرأ البزّيّ في هذه المواضع وغيرها، الثاني «أن» المضمرة وصلتها، وذلك هو النوع الخاصّ، وتقول: «جئتك كي تكرمني» فإن


(١) سورة الزخرف، الآية: ٧١ والضمير يعود إلى الجنة دار النعيم.