الحروف الجارة على ستة أقسام
  وفي رواية من روى بجر «مثل» و «مرضع»، وأما من رواه بنصبهما فمثلك مفعول لطرقت، وحبلى: بدل منه.
  ومثاله بعد «بل» قوله:
  ١٦٣ - * بل بلد ملء الفجاج قتمه*
اللّغة: «طرقت» جئت ليلا، «تمائم» جمع تميمة، وهي التعويذة التي توضع للصبي لتمنعه العين في زعمهم، «محول» اسم فاعل من قولهم: أحول الصبي، إذا أتى على ولادته حول.
الإعراب: «فمثلك» الفاء حرف نائب عن رب، مثل: يروى هذا اللفظ منصوبا، ويروى مخفوضا وعلى الروايتين جميعا يجوز أن يكون مفعولا مقدما على عامله وهو قوله طرقت الآتي، فإن نصبته فهو منصوب بالفتحة الظاهرة، وإن خفضته فهو منصوب بفتحة مقدرة على آخره منع من ظهورها اشتغال المحل بحركة حرف الجر الشبيه بالزائد، ومثل مضاف وضمير المخاطبة مضاف إليه، «حبلى» بدل من مثلك أو نعت له، «قد» حرف تحقيق، «طرقت» فعل وفاعل، «ومرضع» معطوف على حبلى، ويجوز في رواية الجر وحدها أن يكون مثل مبتدأ مرفوعا بضمة مقدرة، وجملة قد طرقت في محل رفع خبر، والرابط محذوف، والتقدير: قد طرقتها، وهذا الوجه أضعف وجوه الإعراب، لأن حذف الرابط مما اختلف النحاة في تجويزه، «فألهيتها» الفاء حرف عطف، وما بعده فعل وفاعل ومفعول به، «عن ذي» جار ومجرور متعلق بألهى، وذي مضاف و «تمائم» مضاف إليه، مجرور بالفتحة نيابة عن الكسرة لأنه لا ينصرف لصيغة منتهى الجموع، «محول» صفة لذي تمائم.
الشّاهد فيه: قوله «فمثلك» حيث حذف حرف الجر، الذي هو رب، وأبقى عمله، بعد الفاء، وهذا إنما يتم على رواية جر «مثل» سواء أجعلت «مثل» مفعولا به تقدم على عامله - وهو الأرجح - أم جعلته مبتدأ خبره الجملة التي بعده، مع ما في هذا الوجه من الضعف على ما قدمنا بيانه.
ومن العلماء من ذكر أن «رب» لم تضمر بعد الفاء إلا في بيتين، أحدهما هذا البيت على اختلاف في روايته كما ذكرنا لك عند الكلام على نسبته وتخريجه، والآخر قول الشاعر:
فحور قد لهوت بهنّ عين ... نواعم في المروط وفي الرّياط
١٦٣ - هذا بيت من الرجز المشطور، وهو من كلام رؤبة بن العجاج، وهو من شواهد ابن عقيل (رقم ١١٩) والأشموني (رقم ٥٧٤).
اللّغة: «الفجاج» جمع فج، وهو الطريق الواسع، ومنه قوله تعالى: {يَأْتِينَ مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ} «قتمه» أصله قتامه، فخففه بحذف الألف، والقتام - بزنة سحاب - الغبار، وبعد