شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأفعال بالنسبة للمفعول به على سبعة أنواع

صفحة 374 - الجزء 1

  ١٨٢ - فقلت أجرني أبا خالد ... وإلا فهبني امرأ هالكا


أولهما: تاء المخاطب الواقعة نائبا عن الفاعل، وثانيهما: قوله «الوفي» وقد ظهر هذا من الإعراب.

١٨٢ - هذا بيت من المتقارب من كلام ابن همام السلولي، وهو من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ١٧٤) وابن عقيل (رقم ١٢٧) والأشموني (رقم ٣٢٤).

اللّغة: «أجرني» أصل معناه اتخذني لك جارا تدفع عنه وتحميه وتغيثه، ثم استعمل في لازم ذلك، فصار بمعنى أغثني مما نزل بي، «أبا خالد» وقع في بعض الروايات «أبا مالك» وقوله «هبني» معناه اعتقدني.

الإعراب: «قلت» فعل وفاعل، «أجرني» أجر: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول به، «أبا» منادى بحرف نداء محذوف، وأبا مضاف و «خالد» أو «مالك» مضاف إليه، «وإلا» الواو للاستئناف، إن: شرطية جازمة، لا: نافية، وفعل الشرط محذوف تقديره: وإلا تجرني، «فهبني» الفاء واقعة في جواب الشرط، هب: فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، والنون للوقاية، والياء مفعول أول، «امرأ» مفعول ثان لهب، منصوب بالفتحة الظاهرة «هالكا» صفة لقوله امرأ.

الشّاهد فيه: قوله «فهبني امرأ» حيث استعمل هب بمعنى اعتقد، ونصب به مفعولين: أولهما ياء المتكلم، وثانيهما قوله امرأ.

وهنا أمران يجب أن تعلمهما:

الأول: أن «هب» الذي يدل على معنى اعتقد فعل أمر جامد غير منصرف، فلم يجئ منه ماض ولا مضارع، فأما قولك: وهب يهب هب، فمن الهبة، ومنه قوله تعالى: {الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي وَهَبَ لِي عَلَى الْكِبَرِ إِسْماعِيلَ وَإِسْحاقَ}⁣[إبراهيم، ٣٩]، وقوله جل شأنه: {يَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ إِناثاً وَيَهَبُ لِمَنْ يَشاءُ الذُّكُورَ}⁣[الشورى، ٤٩]، وقوله ø: {وَهَبْ لَنا مِنْ لَدُنْكَ رَحْمَةً إِنَّكَ أَنْتَ الْوَهَّابُ}⁣[آل عمران، ٨]؛ وأما وهب في نحو قولهم: وهبني الله فداك، فبمعني جعلني الله فداك.

والثاني: أن الأكثر تعدي «هب» إلى مفعوليه صراحة كما في بيت الشاهد، وقد يدخل على أن المؤكدة المصدرية، واختلف العلماء في ذلك؛ فذهب الجرمي وابن سيده والجوهري والحريري إلى أنه لحن، وقال الأثبات من العلماء: ليس لحنا؛ لأنه واقع في فصيح العربية، وقد روي من حديث عمر «هب أن أبانا كان حمارا».

ومن شواهد تعديه لاثنين صريحين - غير بيت الشاهد الذي معنا - قول عقيبة بن هبيرة الأسدي: