شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثانية: الإلغاء

صفحة 378 - الجزء 1

  الثاني: لام جواب القسم، نحو «علمت ليقومنّ زيد» أي علمت - والله - ليقومنّ زيد، وقوله:

  ١٨٥ - ولقد علمت لتأتينّ منيّتي ... إنّ المنايا لا تطيش سهامها

  الثالث: الاستفهام، سواء كان بالحرف كقولك: «علمت أزيد في الدار أم عمرو» وقوله تعالى: {وَإِنْ أَدْرِي أَقَرِيبٌ أَمْ بَعِيدٌ ما تُوعَدُونَ}⁣[الأنبياء - ١٠٩] أو بالاسم سواء كان الاسم مبتدأ نحو {لِنَعْلَمَ أَيُّ الْحِزْبَيْنِ أَحْصى}⁣[الكهف - ١٢] {وَلَتَعْلَمُنَّ أَيُّنا أَشَدُّ عَذاباً}⁣[طه، ٧١] أو خبرا، نحو: «علمت متى السّفر» أو مضافا إليه المبتدأ، نحو: «علمت أبو من زيد» أو الخبر، نحو: «علمت صبيحة أيّ يوم سفرك» أو


١٨٥ - هذا بيت من الكامل من كلام لبيد بن ربيعة العامري، وهو من شواهد المؤلف في أوضحه (رقم ١٧٨) وفي القطر (رقم ٨٢) وفي مغني اللبيب (رقم ٦٥١) وأنشده الأشموني في باب ظن وأخواتها (رقم ٣٣٦).

الإعراب: «لقد» اللام موطئة للقسم، قد: حرف تحقيق، «علمت» فعل وفاعل، «لتأتين» اللام واقعة في جواب القسم، تأتي: فعل مضارع مبني على الفتح لاتصاله بنون التوكيد الثقيلة، ونون التوكيد حرف لا محل له من الإعراب، «منيتي» منية: فاعل تأتي، وهو مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، والجملة من الفعل وفاعله لا محل لها جواب القسم «إن» حرف توكيد ونصب، «المنايا» اسم إن، «لا» نافية، «تطيش» فعل مضارع، «سهامها» سهام: فاعل تطيش، وسهام مضاف والضمير العائد إلى المنايا مضاف إليه، وجملة الفعل المنفي وفاعله في محل رفع خبر إن.

الشّاهد فيه: قوله «علمت لتأتين منيتي» حيث وقع الفعل الذي من شأنه أن ينصب مفعولين أصلهما المبتدأ والخبر، وهو علمت، قبل لام جواب القسم، فلما وقع ذلك الموقع علق عن العمل في لفظ الجملة، ولو لا هذه اللام لنصب هذا الفعل مفعوليه، فكأن يقول: علمت منيتي آتية، مثلا، ولكن وجود اللام منع من وجود هذا النصب في اللفظ، وهو موجود في التقدير؛ فهذه الجملة لا محل لها باعتبار كونها جوابا للقسم، ولها محل نصب باعتبار كونها في مقام مفعولي علمت، وهكذا حكم الفعل المعلق عن العمل في اللفظ: يكون محل ما بعده نصبا باعتبار كونه واقعا موقع مفعوليه، وسيأتي مزيد بيان على ذلك في شرح الشاهد الآتي من كلام كثير بن عبد الرحمن (رقم ١٨٧) فانتظره.