شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأول: المصدر

صفحة 394 - الجزء 1

  بعد ذلك أنه مختصّ بالشعر، كقول الشاعر:

  ٢٠٠ - أفنى تلادي وما جمّعت من نشب ... قرع القواقيز أفواه الأباريق

  فيمن روى «الأفواه» بالرفع، ويردّ على هذا القائل أنه روى أيضا بالنصب فلا


٢٠٠ - هذا بيت من البسيط من كلام الأقيشر الأسدي.

اللّغة: «تلادي» التلاد - بكسر التاء - المال القديم، ومثله التالد والتليد، «نشب» بفتح النون والشين - الثابت من الأموال كالدور والضياع ونحوها «انظر شرح الشاهد ١٨٨ السابق).

الإعراب: «أفنى» فعل ماض «تلادي» تلاد: مفعول به، وتلاد مضاف وياء المتكلم مضاف إليه، «وما» الواو عاطفة، ما: اسم موصول معطوف على تلاد، مبني على السكون في محل نصب، «جمعت» فعل وفاعل، والجملة لا محل لها صلة الموصول، والعائد ضمير منصوب بجمع محذوف، والتقدير: الذي جمعته، «من نشب» جار ومجرور متعلق بمحذوف حال من ما الموصولة، «قرع» فاعل أفنى، «القواقيز» مضاف إليه، والإضافة من إضافة المصدر إلى مفعوله، «أفواه» فاعل قرع، وأفواه مضاف و «الأباريق» مضاف إليه.

الشّاهد فيه: قوله «قرع القواقيز أفواه» حيث أضاف المصدر - الذي هو قوله «قرع» إلى مفعوله - وهو قوله «القواقيز» ثم أتى بعد ذلك بفاعله - وهو قوله «أفواه».

وهذا الاستشهاد إنما يتم على رواية من رفع «أفواه» أما من نصبه فالإضافة حينئذ إلى الفاعل، والمذكور بعد ذلك المفعول، على عكس الأول، وهو واضح.

ومن إضافة المصدر إلى الفاعل ومجيء المفعول بعد ذلك قول عمرو بن الإطنابة:

أبت لي همّتي وأبى بلائي ... وأخذي الحمد بالثمن الرّبيح

وإقحامي على المكروه نفسي ... وضربي هامة البطل المشيح

وفي هذين البيتين ثلاثة شواهد لما سقناهما من أجله، ومثل ذلك قول بعض الأزارقة:

وسائلة بالغيب عنّي ولو درت ... مقارعتي الأبطال طال نحيبها

وقول عمرو بن معديكرب الزبيدي يصف صبره وجلده:

أعاذل، عدّتي بزّي ورمحي ... وكلّ مقلّص سلس القياد

أعاذل، إنما أفنى شبابي ... إجابتي الصّريخ إلى المنادي

ومثل ذلك ما أنشده ابن الأعرابي:

يطوون أعراض الفجاج الغبر ... طيّ أخي التّجر برود التّجر