شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الأسماء التي تعمل عمل الفعل عشرة

صفحة 395 - الجزء 1

  ضرورة في البيت، وقول النبي ÷: «وحجّ البيت من استطاع إليه سبيلا»⁣(⁣١).

  فإن قلت: فهلا استدللت عليه بالآية الكريمة، آية الحج؟⁣(⁣٢).

  قلت: الصواب أنها ليست من ذلك في شيء، بل الموصول في موضع جر بدل بعض من {النَّاسِ} أو في موضع رفع بالابتداء على أن (من) موصولة ضمنت معنى الشرط، أو شرطية، وحذف الخبر أو الجواب، أي من استطاع فليحج، ويؤيد الابتداء {وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ} وأما الحمل على الفاعلية فمفسد للمعنى؛ إذ التقدير إذ ذاك: ولله على النّاس أن يحجّ المستطيع، فعلى هذا إذا لم يحج المستطيع يأثم الناس كلهم.

  ولو أضيف للمفعول ثم لم يذكر الفاعل لم يمتنع ذلك في الكلام عند أحد، نحو: {لا يَسْأَمُ الْإِنْسانُ مِنْ دُعاءِ الْخَيْرِ}⁣[فصلت - ٤٩] أي من دعائه الخير.

  ومثال إعمال ذي الألف واللام قول الشاعر يصف شخصا بضعف الرأي والجبن:

  ٢٠١ - ضعيف النّكاية أعداءه ... يخال الفرار يراخى الأجل


٢٠١ - هذا بيت من المتقارب، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، وهو من شواهد سيبويه (ج ١ ص ٩٩) وقد أنشده المؤلف في أوضحه (رقم ٣٦٥) وابن عقيل (رقم ٢٤٤) والأشموني (رقم ٦٧٨).

اللّغة: «النكاية» بكسر النون - مصدر «نكيت في العدو» إذا أثرت فيه، «يخال» يظن، «الفرار» الهرب.

الإعراب: «ضعيف» خبر مبتدأ محذوف، أي هو ضعيف، وضعيف مضاف و «النكاية» مضاف إليه، «أعداءه» أعداء: مفعول به للنكاية، وأعداء مضاف وضمير الغائب مضاف إليه،


(١) هذه قطعة من حديث طويل رواه البخاري وغيره وهو «بني الإسلام على خمس: شهادة أن لا إله إلا الله وأن محمدا رسول الله، وإقام الصلاة، وإيتاء الزكاة، وصوم رمضان، وحج البيت من استطاع إليه سبيلا» والمصادر الخمسة المذكورة في هذا الحديث كلها مضافة إلى المفعول، ولم يذكر الفاعل إلا في الخامس الذي رواه المؤلف، فتفطن لذلك، وتقدير الكلام: وأن يحج البيت من استطاع إليه سبيلا.

(٢) هي قوله تباركت كلماته: {وَلِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلاً وَمَنْ كَفَرَ فَإِنَّ اللهَ غَنِيٌّ عَنِ الْعالَمِينَ}⁣[سورة آل عمران، الآية: ٩٧].