شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

السادس: اسم الفعل

صفحة 410 - الجزء 1

  أي: دع الأكفّ، وذلك في رواية من نصب الأكف، أما من خفضها فبله مصدر، بمنزلة قولك «ترك الأكفّ»، وأما من رفعها - وهو شاذ - فهي اسم استفهام بمنزلة كيف، وما بعدها مبتدأ، وهي خبره.

  و «عليكه» بمعنى الزمه، وقوله تعالى: {عَلَيْكُمْ أَنْفُسَكُمْ}⁣[المائدة، ١٠٥] أي الزموا شأن أنفسكم، ويقال أيضا: «عليك به»⁣(⁣١) فقيل: الباء زائدة، وقيل: اسم لألصق دون الزم.

  و «دونكه» بمعنى خذه، كقول صبية لأمها:

  ٢١١ - * دونكها يا أمّ لا أطيقها*


«الجماجم» مفعول به لتذر، «ضاحيا» حال من المفعول به، «هاماتها» هامات: فاعل بضاح، وهو مضاف وضمير الغائبة العائد إلى الجماجم مضاف إليه، «بله» اسم فعل أمر، وفاعله ضمير مستتر فيه وجوبا تقديره أنت، «الأكف» مفعول به لبله، «كأنها» كأن: حرف تشبيه ونصب، والضمير العائد إلى الأكف اسم كأن، «لم» نافية جازمة، «تخلق» فعل مضارع مبني للمجهول مجزوم بلم، وعلامة جزمه السكون، وحرك بالكسر لأجل الرويّ، ونائب الفاعل ضمير مستتر فيه جوازا تقديره هي يعود إلى الأكف، وجملة الفعل ونائب فاعله في محل رفع خبر كأن.

الشّاهد فيه: قوله «بله الأكف» حيث استعمل بله اسم فعل أمر، ونصب به ما بعده على أنه مفعول به.

واعلم أن الرواة يروون هذه الكلمة على ثلاثة أوجه؛ الوجه الأول: بجر الأكف، وتخريجها على أن «بله» مصدر بمعنى ترك، ولا فعل له من لفظه، و «الأكف» مضاف إليه من إضافة المصدر إلى مفعوله، كما في قوله تعالى: {فَضَرْبَ الرِّقابِ}⁣[محمد، ٤]، والوجه الثاني: بنصب الأكف، وتخرج هذه الرواية على أن «بله» اسم فعل أمر، و «الأكف» مفعول به، وهذه الرواية هي التي عليها الاستشهاد بهذا البيت في هذا الموضع، والوجه الثالث: برفع الأكف، وتخريج هذه الرواية على أن بله اسم استفهام في محل رفع خبر مقدم، والأكف: مبتدأ مؤخر، وهذا وجه شاذ حكاه أبو الحسن وقطرب، وأنكره أبو علي (انظر مغني اللبيب ص ١١٥ بتحقيقنا).

٢١١ - هذا بيت من مشطور الرجز، ولم أقف لهذا الشاهد على نسبة إلى قائل معين، ولا


(١) قد ورد من ذلك قول الأخطل التغلبي:

فعليك بالحجّاج، لا تعدل به ... أحدا، إذا نزلت عليك أمور