شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

أولها: التأكيد

صفحة 435 - الجزء 1

  (٤) الرابع: ما يجب رفعه، وذلك إذا تقدم عليه ما يختصّ بالجمل الاسمية كإذا الفجائية، نحو: «خرجت فإذا زيد يضربه عمرو» وإجازة أكثر النحويين النصب بعدها سهو، أو حال⁣(⁣١) بين الاسم والفعل شيء من أدوات التصدير نحو: «زيد هل رأيته» و «عمرو ما لقيته».

  (٥) الخامس: ما يستوى فيه الأمران، وذلك إذا وقع الاسم بعد عاطف مسبوق بجملة فعلية مبنية على مبتدأ؛ نحو: «زيد قام وعمرا أكرمته» وذلك لأن الجملة السابقة اسمية الصّدر فعلية العجز. فإن راعيت صدرها رفعت، وإن راعيت عجزها نصبت؛ فالمناسبة حاصلة على كلا التقديرين؛ فلذلك جاز الوجهان على السواء، وقد جاء التنزيل بالنصب، قال الله تعالى: {الرَّحْمنُ ١ عَلَّمَ الْقُرْآنَ}⁣[الرحمن، ١ و ٢] الآيات - الرحمن مبتدأ، وعلم القرآن: جملة فعلية، والمجموع جملة اسمية ذات وجهين، والجملتان بعد ذلك معطوفتان على الخبر، وجملتا: {الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ بِحُسْبانٍ ٥ وَالنَّجْمُ وَالشَّجَرُ يَسْجُدانِ}⁣[الرحمن، ٥ و ٦] معترضتان {وَالسَّماءَ رَفَعَها}⁣[الرحمن، ٧] عطف على الخبر أيضا، وهي محل الاستشهاد.

  ثم قلت: باب - يتبع ما قبله في الإعراب خمسة؛ أحدها: التّوكيد، وهو: تابع يقرّر أمر المتبوع في النّسبة أو الشّمول: فالأوّل نحو: «جاءني زيد نفسه» و «الزّيدان أو الهندان أنفسهما» و «الزّيدون أنفسهم» و «الهندات أنفسهنّ» والعين كالنّفس، والثّاني نحو: «جاء الزيدان كلاهما» و «الهندان كلتاهما» و «اشتريت العبد كلّه» و «العبيد كلّهم» و «الأمة كلّها» و «الإماء كلّهنّ» ولا تؤكّد نكرة مطلقا، وتؤكد بإعادة اللفظ أو مرادفه نحو: {دَكًّا دَكًّا} و {فِجاجاً سُبُلاً} ولا يعاد ضمير متّصل ولا حرف غير جوابي إلّا مع ما اتصل به.

  وأقول: إذا استوفت العوامل معمولاتها فلا سبيل لها إلى غيرها إلا بالتبعية.

  والتوابع خمسة: نعت، وتوكيد، وعطف بيان، وبدل، وعطف نسق، وقيل: أربعة، فأدرج هذا القائل عطفي البيان والنسق تحت قوله: والعطف، وقال آخر: ستة؛


(١) «حال» بمعنى فصل: فعل ماض معطوف على «تقدم» في قوله: «وذلك إذا تقدم ..».