شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

موانع الصرف

صفحة 457 - الجزء 1

  تخرج عن هذا الأصل إذا وجد فيها علتان من علل تسع، أو واحدة منها تقوم مقامهما، والبيت المنظوم لبعض النحويين، وهو يجمع العلل المذكورة إما بصريح اسمها، أو بالاشتقاق.

  والذي يقوم مقام علّتين شيئان: التأنيث بالألف: مقصورة كانت كبهمى، أو ممدودة كصحراء، والجمع الذي لا نظير له في الآحاد - أي لا مفرد على وزنه - وهو مفاعل كمساجد، ومفاعيل كمصابيح ودنانير، وإنما مثلت للمقصورة ببهمى دون حبلى وللممدودة بصحراء دون حمراء لئلا يتوهم أن المانع الصفة وألف التأنيث، كما توهم بعضهم.

  وما عدا هاتين العلتين لا يؤثر إلا بانضمام علة أخرى له، ولكن يشترط في التأنيث والتركيب والعجمة أن تكون العلة الثانية المجامعة لكل منهنّ العلمية، ولهذا صرفت صنجة وقائمة، وإن وجد فيهما علة أخرى مع التأنيث، وهي العجمة في صنجة والصفة في قائمة، وما ذاك إلا لأن التأنيث والعجمة لا يمنعان إلا مع العلمية، وكذلك أذربيجان - اسم لبلدة - فيه العلمية والعجمة والتركيب والزيادة، قيل: وعلة خامسة وهي التأنيث؛ لأن البلدة مؤنثة، وليس بشيء؛ لأنا لا نعلم هل لحظوا فيه البقعة أو المكان، ولو قدّر خلوه من العلمية وجب صرفه؛ لأن التأنيث والتركيب والعجمة شرط اعتبار كلّ منهنّ العلمية كما ذكرنا، والألف والنون إذا لم تكن في صفة كسكران فلا تمنع إلا مع العلمية كسلمان، ولا وصفية في أذربيجان؛ فتعينت العلمية، ولا علمية إذا نكرته؛ فوجب صرفه.

  ومثلت للتأنيث بفاطمة وزينب لأبيّن أنه على ثلاثة أقسام: لفظي ومعنوي، ولفظي لا معنوي، ومعنوي لا لفظي.

  وأما بقية العلل فإنها تمنع تارة مع العلمية وتارة مع الصفة.

  مثال العدل مع العلميّة عمر وزفر وزحل وجمح ودلف، فإنها معدولة عن عامر وزافر وزاحل وجامح ودالف، وطريق معرفة ذلك أن يتلقّى من أفواههم ممنوع الصرف، وليس فيه مع العلمية علة ظاهرة؛ فيحتاج حينئذ إلى تكلف دعوى العدل فيه.