شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

أنواع الإعراب أربعة: رفع، ونصب، وجر، وجزم

صفحة 61 - الجزء 1

  (١) ما هو مشترك بين الاسم والفعل، وهو الرفع والنصب، مثال دخول الرفع فيهما «زيد يقوم» ف «زيد» مرفوع بالابتداء، وعلامة رفعه الضمة، و «يقوم» مرفوع لأنه فعل مضارع خال عن ناصب وجازم، وعلامة رفعه أيضا الضمة، ومثال دخول النصب فيهما «إنّ زيدا لن يقوم» ف «زيدا» اسم منصوب بإنّ، وعلامة نصبه الفتحة، و «يقوم» فعل مضارع منصوب بلن، وعلامة نصبه أيضا الفتحة.

  (٢) وما هو خاصّ بالاسم، وهو الجر⁣(⁣١)، نحو «بزيد» ف «زيد» مجرور بالباء، وعلامة جره الكسرة.

  (٣) وما هو خاص بالفعل، وهو الجزم⁣(⁣٢)، نحو «لم يقم» ف «يقم» فعل مضارع مجزوم بلم، وعلامة جزمه حذف الحركة.

  والأصل في هذه الأنواع الأربعة أن يدلّ على رفعها بالضّمّة، وعلى نصبها بالفتحة، وعلى جرّها بالكسرة، وعلى جزمها بالسكون، وهو حذف الحركة، وقد بينت ذلك كله في الأمثلة المذكورة.

  وقال الله تعالى: {وَلَوْ لا دَفْعُ اللهِ النَّاسَ بَعْضَهُمْ بِبَعْضٍ لَفَسَدَتِ الْأَرْضُ}⁣[البقرة - ٢٥١].

  إعراب ذلك (لو لا) حرف يدل على امتناع شيء لوجود غيره، تقول: لو لا زيد


= ليس بشيء يعتد به ويصح الالتفات إليه، ووجه ذلك أن العامل الذي يقتضي الجزم قد حذف الحركة الظاهرة أو المقدرة التي كانت قبل دخوله، ولزم من حذف الحركة الجزم، فالجزم أثر تابع لما صنعه العامل، ومن أجل هذا يصح أن يجعل إعرابا.

(١) إنما اختص الاسم بالجر لأن عامل الجر إما حرف الجر وإما الإضافة، والإضافة تدل على الملك أو الاستحقاق، وحرف الجر قد يكون دالا على هذين المعنيين، والذي يكون مالكا للشيء أو مستحقا له هو الذات، والفعل لا يدل على الذات، وإنما يدل على معنى قائم بالذات، فأما الاسم فقد يكون مدلوله الذات كزيد وعمرو وخالد، فاختص لذلك السبب بما يدل على الملك أو الاستحقاق وهو عامل الجر.

(٢) إنما اختص الفعل بالجزم لأن عامل الجزم يدل على النفي غالبا كلم ولما، والذي يجوز نفيه هو المعاني دون الذوات، لأن النفي يقتضي العدم، والذات غير قابلة له، وقد علمت أن الفعل يدل على المعنى دائما وأن الاسم أكثر ما يدل على الذات، ومن أجل أن الاسم أكثر ما يدل على الذات، وأن عامل الجزم يقتضي العدم الذي لا يقبله الذات لم يصح أن يدخل عامل الجزم على الاسم، وصح دخوله على الفعل لأنه الدال على ما يجوز نفيه فاختص به.