شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

خرج عن الأصل في الإعراب سبعة أبواب

صفحة 62 - الجزء 1

  لأكرمتك، تريد بذلك أن الإكرام امتنع لوجود زيد، و (دفع) مبتدأ مرفوع بالضمة، واسم الله مضاف إليه، ولفظه مجرور بالكسرة، ومحله مرفوع لأنه فاعل الدّفع، و (الناس) مفعول منصوب بالفتحة، والناصب له الدّفع؛ لأنه مصدر حالّ محلّ أن والفعل، وكلّ مصدر كان كذلك فإنه يعمل عمل الفعل: أي ولو لا أن دفع الله الناس، (بعضهم) بدل بعض من كلّ، وهو منصوب بالفتحة، وخبر المبتدأ محذوف وجوبا، وكذا كل مبتدأ وقع بعد لو لا، والتقدير: ولو لا دفع الله الناس موجود، والمعنى: لو لا أن يدفع الله بعض الناس ببعض لغلب المفسدون وبطلت مصالح الأرض، وقال أبو العلاء المعرّى فى صفة السيف:

  ١٢ - يذيب الرّعب منه كلّ عضب ... فلو لا الغمد يمسكه لسالا

  فآثر ذكر الخبر، وهو «يمسكه».

  ثم قلت: وخرج عن ذلك الأصل سبعة أبواب:


١٢ - هذا البيت من كلام أبي العلاء أحمد بن عبد الله بن سليمان المعري، رهين المحبسين، والفيلسوف الحكيم، وهو أحد شعراء الدولة العباسية، ولا يحتج بشعره على قواعد النحو والصرف ولا على مفردات اللغة، وقد أنشد المؤلف هذا البيت في كتابه أوضح المسالك (رقم ٧٧) وذكر هناك أنه أخطأ في ذكر الخبر على ما هو رأي جمهرة النحاة، وأنشده الأشموني (رقم ١٥٨) وأنشده ابن عقيل (رقم ٥٨) وسنذكر ما فيه.

اللّغة: «يذيب» مضارع من الإذابة، وهي إسالة ما كان صلبا كالحديد، «الرعب» الخوف الشديد، «عضب» بفتح العين وسكون الضاد - هو السيف، «الغمد» بكسرة فسكون - جفن السيف وقرابه.

المعنى: يقول إن سيفك لتهابه السيوف، كما أن الرجال يهابونه، وإن سيوف الناس تذوب في أغمادها هيبة لسيفك وخوفا منه، ولو لا أن الأغماد تمسكها لسالت كما يسيل الماء.

الإعراب: «يذيب» فعل مضارع، «الرعب» فاعل، «منه» جار ومجرور متعلق بالرعب أو بمحذوف حال منه، «كل» مفعول به ليذيب، وكل مضاف و «عضب» مضاف إليه، «لو لا» حرف يدل على امتناع الشيء لوجود غيره، «الغمد» مبتدأ، «يمسكه» يمسك: فعل مضارع فيه ضمير مستتر جوازا تقديره هو فاعله، والضمير البارز مفعوله، والجملة من الفعل المضارع وفاعله ومفعوله