شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

الثالث: الأسماء الستة

صفحة 70 - الجزء 1

  من يستعمله تامّا في حالة الإضافة؛ فيقول: هذا هنوك، ورأيت هناك، ومررت بهنيك، وهي لغة قليلة، ولقلّتها لم يطّلع عليها الفرّاء، ولا أبو القاسم الزّجّاحي، فادّعّيا أن الأسماء المعربة بالحروف خمسة لا ستة.

  واعلم أن لغة النقص مع كونها أكثر استعمالا هي أفصح قياسا، وذلك لأن ما كان ناقصا في الإفراد فحقّه أن يبقى على نقصه في الإضافة، وذلك نحو: «يد» أصلها يدي، فحذفوا لامها في الإفراد، وهي الياء، وجعلوا الإعراب على ما قبلها فقالوا: هذه يد، ثم لما أضافوها أبقوها محذوفة اللام، قال الله تعالى: {يَدُ اللهِ فَوْقَ أَيْدِيهِمْ}⁣[الفتح - ١٠] وقال الله تعالى: {لَئِنْ بَسَطْتَ إِلَيَّ يَدَكَ لِتَقْتُلَنِي}⁣[المائدة - ٢٨] وقال الله تعالى: {وَخُذْ بِيَدِكَ ضِغْثاً}⁣[ص - ٤٤].

  فأما الآية الأولى: ف (يد) فيها مبتدأ مرفوع بالضمة، و (الله) مضاف إليه مخفوض بالكسرة، و (فوق) ظرف مكان منصوب بالفتحة، وهو متعلق بمحذوف هو الخبر: أي كائنة فوق أيديهم، (وأيديهم) مضاف ومضاف إليه، ورجعت الياء التي كانت في المفرد محذوفة؛ لأن التكسير يردّ الأشياء إلى أصولها⁣(⁣١).

  وأما الآية الثانية: فاللام دالة على قسم مقدر: أي والله لئن، وتسمى اللام المؤذنة والموطّئة؛ لأنها آذنت بالقسم ووطّأت الجواب له، (وإن) حرف شرط، و (بسطت) فعل ماض وفاعل، و (إلىّ) جار ومجرور متعلق ببسطت، و (يدك) مفعول به ومضاف إليه، واللّام من (لتقتلنى) لام التعليل، وهي حرف جر، والفعل منصوب بأن مضمرة بعدها جوازا، لا بها نفسها؛ خلافا للكوفيين، وأن المضمرة والفعل في تأويل مصدر مخفوض باللّام: أي للقتل، و (ما) نافية، و (أنا) اسمها إن قدرت حجازية وهو الظاهر⁣(⁣٢) ومبتدأ إن قدرت تميمية، والباء زائدة فلا تتعلق بشيء، وكذا جميع


(١) وكذلك رجعت الياء في التثنية عند بعض العرب، نحو قول الشاعر:

يديان بيضاوان عند محلّم ... قد تمنعانك أن تذلّ وتضهدا

وأكثر العرب لا يعيد الياء في التثنية، وعليه قوله تعالى: {بَلْ يَداهُ مَبْسُوطَتانِ} ومنه المثل «يداك أوكتا وفوك نفخ».

(٢) وجه كونه هو الظاهر أن القرآن نزل بلغة أهل الحجاز.