شرح شذور الذهب،

ابن هشام الأنصاري (المتوفى: 761 هـ)

تخريج القراءات التي في قوله تعالى «إن هذان لساحران»

صفحة 75 - الجزء 1

  وفي هذا الموضع قراءات:

  إحداها: هذه، وهي تشديد النون من «إنّ» و «هذين» بالياء، وهي قراءة أبي عمرو، وهي جارية على سنن العربية؛ فإن «إنّ» تنصب الاسم وترفع الخبر، و «هذين» اسمها؛ فيجب نصبه بالياء لأنه مثنى، و «ساحران» خبرها فرفعه بالألف.

  والثانية: «إن» بالتخفيف «هذان» بالألف، وتوجيهها أن الأصل «إنّ هذين» فخففت (إن) بحذف النون الثانية، وأهملت كما هو الأكثر فيها إذا خفّفت، وارتفع ما بعدها بالابتداء والخبر فجيء بالألف، ونظيره أنك تقول: إنّ زيدا قائم؛ فإذا خفّفت فالأفصح أن تقول: إن زيد لقائم على الابتداء والخبر؛ قال الله تعالى: {إِنْ كُلُّ نَفْسٍ لَمَّا عَلَيْها حافِظٌ}⁣(⁣١).

  والثالثة: «إنّ» بالتشديد «هذان» بالألف، وهي مشكلة؛ لأن «إنّ» المشدّدة يجب إعمالها؛ فكان الظاهر بالإتيان بالياء كما في القراءة الأولى.

  وقد أجيب عليها بأوجه:

  أحدها: أن لغة بلحارث بن كعب، وخثعم، وزبيد وكنانة وآخرين استعمال المثنى بالألف دائما، تقول: جاء الزّيدان، ورأيت الزّيدان، ومررت بالزّيدان، قال:

  ١٤ - * تزوّد منّا بين أذناه طعنة*

  وقال الآخر:


١٤ - هذا صدر بيت من الطويل، وعجزه قوله:

* دعته إلى هابي التّراب عقيم*


(١) سورة الطارق، ٤، والاستشهاد بالآية الكريمة على قراءة من خفف الميم من (لما) وقد قرأ بذلك نافع وابن كثير وأبو عمرو والكسائي وخلف ويعقوب، وإعرابها «إن» مخففة من الثقيلة «كل» مبتدأ، وهو مضاف و «نفس» مضاف إليه، «لما» اللام لام الابتداء، وما زائدة «عليها» جار ومجرور متعلق بمحذوف خبر مقدم، «حافظ» مبتدأ مؤخر، وجملة المبتدأ المؤخر وخبره المقدم في محل رفع خبر المبتدأ الذي هو «كل»، والجملة من كل الواقع مبتدأ وخبره في محل رفع خبر إن المخففة.